TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > 20 مليون "وياك" يا مجلس الثورة

20 مليون "وياك" يا مجلس الثورة

نشر في: 20 يناير, 2013: 08:00 م

من يطفئ الحريق المشتعل في أروقة السياسة العراقية  منذ تظاهرات الأنبار وحتى هذه اللحظة؟، الإسراع بفك العقد وتنفيذ المطالب التي يرى المتظاهرون انها شرعية وقابلة للتنفيذ،  ربما سوف يهدئ كثيرا من الاحتقان، لكن ذلك لن يحل المشكلة، مالم يوضع حد للمحاصصة الطائفية التي بدأت بشعار شراكة وطنية وانتهت إلى تقاسم غنائم ومناصب بين رؤساء كتل طائفية وليست سياسية.
بالطبع جميعنا يحلم بأن تتحرك الحكومة  ومعها بعض عقلاء البلد في اتجاه معالجة القضية من جذورها ونزع كل فتائل التوتر الطائفي من المجتمع، لكن وبما أن ذلك يشبه الرهان على دخول "الفيل من سم الإبرة"، فعلينا أن نكون واقعيين ونتحدث عن حلول يمكنها أن تطفئ الحريق الآن.. واول هذه الحلول ان يخرج السيد المالكي  من حالة  الانفصال عن مشكلات الناس وهمومها التي ترافقه، وايضا ان يختار الفاظا مناسبة لاشعار المتظاهرين والمحتجين بان هناك من يستمع الى همومهم  .. لكن للاسف في كل موقف صعب يمر بالعراق نرى اعضاء في ائتلاف دولة القانون الذكي يستخدمون عبارات والفاظ تضاعف احساس المواطنين بالإهانة والإهمال.
ففي واحدة من عجائب خطب  مقربي رئيس الوزراء خرج علينا النائب عن ائتلاف دولة القانون جبار الكناني بتصريح مثير للضحك والاستغراب ، فالنائب وبحسبة بسيطة اعتبر ان  نحو 20 مليون عراقي لا يؤيدون مطالب المتظاهرين في الانبار والموصل.. ولم ينس السيد النائب بان ينصح الحكومة بان لا تستجيب لمطالبات الاقلية وان تأخذ برأي الاكثرية، لا اريد ان اعلق على هذا التصريح الكاريكاتيري، واسأل عن الطريقة التي قام بها عالم الرياضيات جبار الكناني بحساب عدد المؤيدين للحكومة، لكن بالتأكيد مثل هذه التصريحات تعمق حالة الشك لدى الناس في الحكومة وعدم الثقة في وعودها.. لعل المشكلة الكبيرة التي تواجه الجميع هي الوعود التي قطعتها الحكومة على نفسها ثم تحولت هذه الوعود الى مجرد كلام، وان خطب المالكي ومنذ أعوام تدخل في باب الشعارات لا من باب الأفعال، وان الناس ان توقفت اليوم عن المطالبة بحقوقها ستعود الحكومة غدا الى عهدها السابق في التملص من كل شيء، المؤكد أن السيد المالكي قد استمع إلى هذه الملاحظات كثيرا خلال اجتماعاته مع السياسيين والحزبيين والشخصيات العامة منذ بدء الأزمة.
وأزعم أننا إذا استطعنا أن نجد حلا لمشكلة فقدان الثقة بين الطرفين، فقد يتم حل المشكلة، من بين وسائل اكتساب الثقة بين الطرفين أن الناس كانت تنتظر أن يخرج السيد المالكي بقرارات حازمة  تشعر الناس من خلالها أن الحكومة جادة فعلا في تلبية مطالبهم، ولكن ماذا حصل خلال الأيام الماضية دعونا نعود إلى خطب وأحاديث السيد المالكي ففي أول رد فعل له قال: ان المنظمون لهذه  التظاهرات مندسين وأنها لن تؤثر على سير حكومته لأنها مجرد فقاعات.
ولم تمر أيام حتى خرج بتصريح جديد طالب فيه بعض مؤيدي التظاهرات بان يتركوا: "هذه التجارة البائسة على حساب معاناة الناس وتوظيف القضايا وتسييسها لحسابات خاصة".. ثم في خطبة ثالثة طالب بالوقوف في وجه الذين يخرجون على القانون أو يتمردون على الدولة أو على النظام".
هكذا حسم المالكي الأمر، فكل من سيخرج للتظاهر إنما يتمرد على النظام القانون، في ثلاث خطب متتالية سجل السيد المالكي أخطاء  ينبغي ان لا يقع فيها رئيس وزراء  يفترض انه يمثل جميع اطياف المجتمع  وليس رئيس وزراء لطائفة او جماعة واحدة فقط.
يعرف المالكي أن مخاطبة الناس بلغة التهديد لن تهدئ النفوس ولن تنفع مع  ناس يعانون من الإقصاء والتهميش والبطالة ووصل بهم اليأس إلى أقصاه، ويعرف المالكي أن مشاكل الناس سببها مسؤولون فاسدون وطائفيون لم يستطيعوا خلال السنوات الأخيرة توفير الحد الأدنى من متطلبات الناس.  
ينبغي أن ننظر إلى الأمر باعتباره أقرب إلى العملية الحسابية، لا على طريقة  النائب الكناني، وانما على طريق المواطنة العادلة، ونسأل أيهما أفضل: احتواء المتظاهرين وحل مشكلاتهم أم خراب كل الوطن في ظل شعارات تريد ان توهم الناس ان قلوب الملايين لا تزال تخفق بحب مجلس قيادة الثورة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram