أدار القاص باسم القطراني جلسة السبت الثقافية، في اتحاد أدباء وكتاب البصرة المخصصة للقاص عبد الكريم السامر بمداخلة عنوانها (الترجمة.. مقاربات ومقارنات)، مؤكداً أهمية الترجمة في كل اللغات العالمية حالياً وسابقاً سواء مستقبِلةً أو مرسلَةً، وعرف بالقاص ع
أدار القاص باسم القطراني جلسة السبت الثقافية، في اتحاد أدباء وكتاب البصرة المخصصة للقاص عبد الكريم السامر بمداخلة عنوانها (الترجمة.. مقاربات ومقارنات)، مؤكداً أهمية الترجمة في كل اللغات العالمية حالياً وسابقاً سواء مستقبِلةً أو مرسلَةً، وعرف بالقاص عبد الكريم السامر. وأكد السامر أن الترجمة علم مستقل من علوم اللغة ولها مباحث لغوية مستقلّة، وفرضيات ونظريات، وجزم، حسب علماء الترجمة، بأنها ما لا يُمكن أن ترقى إلى مستوى اللغة الأم، مهما كانت درجة المعرفة والإتقان التي يمتلكها المترجم. وأضاف: لو أخذنا النصوص الدينية مثالاً فهي في اللغة العربية تعد الإطار المعرفي والمرجعية التي تتحكّم بالنص وخصائصه. وعلى هذا الأساس يجب أن تكون الترجمة محايدة في طرح الأفكار حتى يكون نقلها إلى الآخر بصورة واضحة، وأضاف: من أكبر المشاكل تعقيداً هي الترجمة الثقافية -الأدبية، بسبب اختلاف المكونات الثقافية والوسائل اللغوية التي تُعبّر عنها في زمن محددٍ بظروفه والمثال على ذلك الاختلاف في الفعل (الماضي والحاضر والمستقبل)، فقسم من العناوين الخبرية مثلا، لها سمات بنيوية وأسلوبية تتباين أي أن المعنى والمبنى اللغوي يختلف من لغة إلى أخرى. وأكد السامر: أن العبث بالترجمة وعدم الدقّة في تناولها والركون إلى النقل العشوائي يتسبّب في سوء فهم للثقافات الأخرى. وتطرق إلى مراحل أدبيات الترجمة كأطر منهجية علمية قابلة للتطبيق. مؤكداً أن بعض هذه الأدبيات كانت عبارة عن مفاهيم وملاحظات انطباعية وإرشادات لا يمكن لها أن تصل إلى مستوى الفرضيات القابلة للحتم، والسبب في ذلك أنها ذاتية واعتمدت على الفهم الخاص، ولم تكن موضوعية تعتمد على العام. وأضاف: في النصف الثاني من القرن العشرين صار للترجمة شكلاً ومضموناً أوسع واشمل وكثرت الكتابة عنها وفيها وأصبحت عِلماً قائماً بذاته له تنظير وتطبيق، فكان صاحب هذا المجال العالم اللغوي (نايدا) الذي تمكّن من تأسيس فرضيات أستطاع أن يبنيها على المشاكل والمصاعب اللغوية والثقافية، والتي واجهها عندما قام بترجمة الكتاب المُقدّس، واستطاع بعد دراسة هذه المشاكل اللغوية والثقافية الخروج بنظرية ميّزَ فيها بين نوعين من الترجمة هما الترجمة اللغوية والترجمة الثقافية، وبهذا أصبح هذا العالم أول من لفت الانتباه إلى أهمية التحليل للخطاب اللغوي. ثم أصدر (كاتفورد) كتابه (نظرية لغوية في الترجمة) الذي وضع فيه أول ترابط أو اقتران بين الترجمة والنظرية وبعد ذلك قام العالمان (هاليداي) و(فيرث ) بتطوير هذه النظرية اللغوية. وأوضح السامر: ثم ساهم العالم (كاتفورد) وتقوم أطروحاته للترجمة على أنها عملية استبدال نص بنص آخر لكن بشرط وجود التكافؤ بينهما. وذكر السامر: وقد تأثر علم اللغة بباقي النظريات والعلوم الإنسانية وخصوصاً علم الاجتماع ومع وجود هذا التأثير انبثقت مباحث لغوية تُعنى بدراسة المعنى كأحد المُتغيّرات الذي تُحدّده السياقات المختلفة التي يرد فيها، ومن أهمها (القصدية) التي ارتكزت على النظرية (التواصلية) في اللغة. وأضاف: رأى (مالينوفسكي) أن الترجمة لا تكون دقيقة ومقبولة إلا إذا فَسّرتْ المعنى من خلال وصف عرقي للمفاهيم الثقافية التي نشأ فيها النص الأصلي، وبعد حوالي (40) عاماً ظهر اللغوي (فيرث) ليقوم بتطوير مفهوم سياق سماه بـ(الموقف) واصفاً إيّاه بأنه عملية منهجية تنم عن نشاط ذي طبيعة معقّدة تحكم عناصره علاقات داخلية ومُوضّحا أن السبب في ذلك يرجع إلى دينامكية (الموقف) أو حركته لأن ما يقوله المُتكلّم أو ما يكتبه الكاتب يضم بين ثناياه ما قيل أو كُتب وما سيُقال أو سيُكتب لاحقا .بينما يُقول العالم (وورف) أن السياق يتأثر بالخلفية الثقافية للمتكلم في فرضيته المعروفة بـ( النسبية اللغوية) أي أن الصورة التي نراها للعالم المادي من حولنا تختلف في أذهاننا باختلاف خلفياتنا الثقافية ، بمعنى آخر أن الشواهد المادية التي نراها أمامنا وإن كانت واحدة ، لا تعني بالضرورة أن كل مَنْ يرصدها يراها من المنظور نفسه أو بالقيمة نفسها ، إلا إذا تطابق الراصدون في خلفياتهم اللغوية. و تحدث السامر: عن النظرية الدلالية التي تستند إلى العديد من العلوم اللغوية كالمقصدية وتحليل الخطاب واجتماعيات اللغة. وذكر أن الترجمة الثقافية تُلزم المترجم بأن يكون صاحب خلفية ثقافية ثُنائية بين اللغة المنقول منها واللغة المنقول إليها. وعن مشاكل الترجمة ذكر السامر: يُمكن تصنيفها إلى صنفين (لُغوية وثقافية) وهذه المشاكل نجدها دائماً في ترجمة الأفكار والكتب الدينية لأنها غالبا تكون صادرة عن مترجمين من غير الناطقين باللغات الأصلية للكتب المقدسة، وذكر من هنا صار على المترجم أن يتبحّر ويغوص في ثقافة اللغة المنقول منها لكي يستطيع الحصول على تعابير اصطلاحية مُتداولة وملائمة للسياق الذي ستُستخدم فيه في اللغة المنقول إليها. وخلص السامر: إلى أن أكبر المشاكل التي تعترض المترجمين هو عدم التمكن من الحصول على مقابل أو مكافئ دقيق لبعض الكلمات أو التعابير، وهذا الإخفاق ناتج عن اختلاف في الثقافات والمفاهيم، ولأجل التخلّص من هذه المعضلة لجأ بعض المترجمين إلى النسخ الصوتي للكلمة والتعبير الذي يقوم على النسخ الصوتي ويشمل ذلك التعبير الذي لا يُمكن الحصول له على مكافئ أو مقابل في اللغة المنقول منها كما هو في اللغة الأم وكتابتها بحروفها. وقدم السامر بعض النماذج التي قام بترجمتها وتحدث عن الصعوبات التي واجهته في ذلك. وأبدى ا.د. المترجم مجيد حميد جاسم في مداخلته تبيان بعض الأخطاء التي أعتمدها السامر مصححاً بعض التعابير اللغوية الأجنبية وما يجب أن تكون مرادفاتها في اللغة العربية .