في مسرحية بعنوان "شوف تاليها" للكاتب والناقد المسرحي عباس لطيف ، قدم في زمن عرض مسرحيته منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي نصيحة لمواجهة العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراقيين بطبخ " تشريب الحصو" وتناوله ساخنا مع "وحش الطاوة " الباذنجان ، لتوفير وجبة غذائية لجميع الأعمار ، لدحر "الحصار الجائر" وإحباط المخططات الإمبريالية بطبخ الحصو من نوع " الصلابيخ" مع الملح المدعوم بمادة اليود لتفادي الإصابة بأمراض سوء التغذية .
للحصو استخدامات كثيرة في حياة العراقيين،فقديما استخدم بإضرام النار ، ، وأثناء النزاعات ، والشجار تتم الاستعانة به لرشق العدو سواء بواسطة اليد أو المحجال ، واستخدم من قبل السحرة وفتاحي الفال من كلا الجنسين لكشف الغيب ، وهناك من يدعي بأن للحصى القدرة على جلب الرزق بتسخير الجن لصالح شخص عطال بطال ، بتوفير دخله اليومي من دون القيام بأي عمل ، وهذا الشخص يوصف بأنه نائم وحظه يبيع ويشتري ، وكل ذلك بفضل "صلبوخ " مجرب لا يقدر بأي ثمن ، ويقال لمن يعمل بلا جدوى أو تحقيق هدف، بأنه يطبخ حصو ، والوصف قد يصلح ليشمل أفرادا وجماعات ، وربما تنظيمات سياسية تشغل مقاعد في مجلس النواب الحالي ، متهمة من قبل خصومها بأنها تمارس الممطالة والتسويف، لتحقيق المزيد من المكاسب ، في وقت أعلنت حرصها على تنفيذ الكثير من المطالب المشروعة وتعهدت بأن يكون ذلك في سقف زمني محدد لا يتجاوز 72 ساعة .
بعد اندلاع التظاهرات الاحتجاجية في العديد من المحافظات ، أعلنت كتل نيابية تنتمي إلى تحالف يقود الحكومة أنها سوف تنفذ مطالب المتظاهرين ، ومنذ نهاية الشهر الماضي وحتى الآن لم تتحقق خطوات جدية باستثناء إطلاق سراح موقوفين ، انهوا محكومياتهم ، وتعطل الإفراج عنهم لأسباب تتعلق بأمور إدارية ، بحسب تصريحات مسؤولين في الحكومة ، فأعطوا دليلا واضحا على حرص جهات رسمية على طبخ الحصو للتعبير عن الإيمان بتراث الأجداد الأوائل . وتفرغوا لخوض مفاوضات ماراثونية مع الشركاء للتوصل إلى اتفاق لتمرير مشروع العفو العام ، وتعديل قانون المساءلة والعدالة .
طبخ الحصو ليس حكرا على الطرف الحكومي ، فالجهات المؤيدة للتظاهرات والداعمة للمطالب هي الأخرى بادرت بإعداد "تشريب الحصو " ليكون وجبة طعام مفضلة لمن ينتظر إجراءات تحسين المستوى المعيشي ، في وقت مازال مشروع الموازنة للعام الحالي موضع جدل وسجال وشد وجذب في مجلس النواب وتحت رحمة تحقيق توافق بين رؤساء الكتل النيابية ، والحالة هذه تكشف بشكل لا يقبل اللبس أن رائحة التشريب بدأت تنبعث من تحت قبة البرلمان ، وللحد من المماطلة والتسويف في تنفيذ مطالب المتظاهرين المشروعة ، قد تشهد الأيام المقبلة رفع شعار يدعو طباخي " تشريب الحصو" إلى البحث عن وسيلة أخرى تؤكد احترام إرادة الشعب ، لإلغاء سؤال بات يتردد في أذهان العراقيين متى " نشوف تاليها؟ " .