هل الموقف ما زال راديكالياً من منظمة التجارة العالمية؟ على أساس أنها ثالث الثالوث للامبريالية العالمية بعد البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، اللذين هما من التطبيق العملي (لبريتون وودز) وبذلك تصبح هذه المنظمة هي تابعة للشيطان الأكبر.
إن هذه الراديكالية تثير السخرية إذا ما علمنا أن أوراق نادي باريس الذي رتب لنا الديون المستحقة على العراق بتخفيض دولي وليس عربياً بنسبة 80% كما أن البنك الدولي يقدم لنا تسعمائة مليون دولار ويكافح فقرنا مشكوراً.
بذلك تصبح منظومة (بريتون وودز) أقرب إلينا من جيران وعرب الذين لم يخفضوا ديونهم، ولكن نسعى معهم الى تنشيط التجارة البينية العربية حسب برنامج العمل في الرياض، الذين يبخلون علينا حتى بملحقية تجارية.
بالمقارنة تكون منظمة التجارة العالمية، حتى الآن لم تقِم منظمة عربية بديلة مثل السوق العربية المشتركة التي ذهبت في ذمة التاريخ مع شديد علم الأطراف المعنية العرب منهم أن التجارة البينية العربية عامل من عوامل الاستقرار الإقليمي ولا يمكن لعربي أن ينهض بدون علاقة عربية مفعلة اقتصادياً ومتوازنة استيراداً وتصديراً.
فهل منظمة التجارة العالمية هي بديل أم مكمل لمنظومة عربية ويمكننا التعامل مع العالمية من خلالها؟ ليس معقولاً أبداً لأنهم يتعاملون معنا ككيانات لا تربطها رابطة ربما تهدد المنظمة العتيدة. ولكن عقلاء المنظمة جعلوا منها حاضنة لكل دولة لا تعمل في إطار محيطها الإقليمي أو القومي. ومع ذلك تشترط إيجابيا علينا أن تكون لدينا تعرفة كمركية أي يكون لدينا استيراد وتصدير وميزان مدفوعات معقول ضمن شفافية في الموازنة. فهذه الشروط مهما كانت الدوافع وراءها إيجابية وفق المعطيات الحالية في كل الأحوال. بينما ما زالت التعرفة الكمركية في مرحلة ما قبل التاريخ لدينا إذ خسرنا بموجبها هويتنا الاقتصادية في التصدير أو الإنتاج المحلي الذي فتك به أمام عيوننا الاستيراد العشوائي.
أما الدوافع لطلب الشفافية فتريد المنظمة ومن ورائها مع من تتعامل ولكي لا تتفاجئ من خلال الضبابية في المسارات الاقتصادية التي تجسدها الموازنات السنوية ومستوى الضريبة ودورها كعنصر في الموازنة وأهميتها التي تعني أن هناك اقتصاد قطاع خاص له وزنه.
كما التعرفة الكمركية من ناحيتهم تكون فائدتها بكف الاستيراد العشوائي بخسة الثمن والذي بدوره يشكل بديلاً يفرض نفسه على الاستيراد ذي المواصفة الدولية وعلى الإنتاج المحلي الذي بالكاد يرغب بالنهوض ويحسب خطواته ولا يرغب بالمجازفة. كما أن اللاتعرفة تشجع المنتجين على الاستيراد العشوائي الذي تتسلمه من خلال إلغاء التعرفة التي أصبحت عنصراً أساسياً في العملية الانتخابية كورقة يمكن تشغيلها في الموسم بأن التعرفة ترفع الأسعار على الفقراء الذين يشكلون ثقلاً انتخابياً.
فمنظمة التجارة العالمية عندما تريد تعرفة كمركية فإنها لكي تضمن حجب المواد المستوردة بخسة الثمن والتي لا تملك الحد الأدنى من المواصفة الدولية أو المحلية التي لا نعلم متى تكون كذلك في المنافذ أو السيطرة النوعية وتكون لنا مواصفتنا كخلق الله.
فهل يلتزم مؤتمر الرياض بما تنصح به المنظمة العالمية للتجارة بأن تكون المواصفة عنصراً أساسياً للاستيراد وليس مجرد حاجز عن تجارة غير مرغوب بها من قبل من هم وراء المنظمة وسادتها؟