للتشكيلي الراحل هاشم الوردي، قول طالما كان يردده على طلابه يؤكد فيه أن ظهور سن العقل في عمر مبكر في فك شخص قد يعرضه للإصابة بالجنون، اما إذا ظهر له سنان من هذا النوع فان زيارته في مستشفى الشماعية ستحتم على معارفه وأهله وأصدقائه زيارته في مستشفى الشماعية.
حكمة الوردي، وهو شقيق النحات الرائد الراحل خليل ، فسرها طلابه بانها تحمل أبعادا تطال أنظمة وشخصيات سياسية تصول وتجول في المنطقة بمزاعم الدفاع عن الأمة العربية، بعضها انقرض وآخر ينتظر المصير المحتوم من أصحاب الجلالة والسيادة والسمو، اعتادوا على تعاطي أدوية مضادة ضد الديمقراطية تمنحهم القدرة على مواجهة إرادة شعوبهم في منع تحقيق الحرية والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع.
ممارسات بعض الأنظمة في المنطقة العربية تكاد تكون مشابهة لطباع بشرية، من صفات غير محمودة تنبذها بل تحرمها الشرائع السماوية والوضعية وحتى السنن العشائرية والأعراف الاجتماعية ، فالشخص الكاذب والسارق ومن يمتهن الكلاوات والفهلوة والضحك على الذقون بحق الآخرين يقع تحت طائلة القانون، وعندما يحمل هذه الصفات أكثر من نظام عربي يكون القانون تحت إرادته، على الرغم من مزاعمه وادعاءاته باستقلالية القضاء وإبعاده عن التسييس، وتأثيرات أصحاب النفوذ وصانعي القرار، لان هؤلاء لم تظهر عندهم بعد أسنان العقل، لتنطبق عليهم حكمة الوردي الذي عاصر لسنوات زمن الجنون العربي ، ولكنه غادر الحياة من دون أن يخبره احد بان زعيما أو قائدا دخل إلى مستشفى الشماعية ليحقق سابقة لم يعرفها التاريخ السياسي الحديث.
في مدينة الحرية بجانب الكرخ كانت "أم ضروس" زوجة مهاوي احد منتسبي شرطة السكك تصول وتجول في المنطقة، لاعتقادها بان سلطة مهاوي الذي لا يستطيع أن يحل رجل دجاجة في بيته، تمنحها حق الشجار مع الجيران، دفاعا عن أبنائها الثمانية المسخرين من قبلها بحمل "الساقلاب" لإنزال طيارات الأطفال الورقة، والغرض من تشكيل قدراتها الدفاعية ضد الطائرات لكي أن تجبر الأطفال على شراء طائرات أخرى تقوم بصناعتها من عيدان جريد النخيل و"شريص" الباميا ، و"أم ضروس" كان تستخدم أسنانها ضد من يحتج على استخدام أبنائها الثمانية الساقلاب لإسقاط الطائرات الورقية، ولشهراتها بأنها تستطيع أن تترك اثر العض على جسد المهاجم، ابتعد أهالي الحي عن شرها، ورفعوا الراية البيضاء وأعلنوا الاستسلام تاركين قدرهم للزمن، عسى أن ينقذهم من كارثة بشرية لعبت بهم "البطيط"، فكدرت حياتهم وسلبت أمنهم الشخصي، وجعلت أطفالهم يتركون ممارسة لعبة الطائرات الورقية لعجزهم عن مواجهة مضادات قاعدة أبناء مهاوي وأمهم أم ضروس، وعلى قاعدة تطابق صفات الحكومات والأنظمة مع سلوك البشر، تخشى الشعوب الحالمة بالديمقراطية ان يظهر جيل جديد من الزعماء في المنطقة يتفوق على أم ضروس في فرض إرادته باستخدام أسنان الحكومة للإطاحة بالمعارضين.