اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > تدوير الفساد على مدى 5 سنوات..الزقاق 14 محلة 904 الكرادة يحكي القصة الحزينة لبغداد

تدوير الفساد على مدى 5 سنوات..الزقاق 14 محلة 904 الكرادة يحكي القصة الحزينة لبغداد

نشر في: 26 يناير, 2013: 08:00 م

انه الزقاق رقم (14) في محلة (904) ضمن قاطع بلدية الكرادة، خلف بناية قيادة القوة الجوية السابقة، أي انه يقع في مركز العاصمة بغداد التي استحالت بفعل المفسدين إلى أقذر عاصمة في العالم، ولهذا الزقاق حكاية مستمرة منذ ما يقارب الخمس سنوات والتي ما زالت مست

انه الزقاق رقم (14) في محلة (904) ضمن قاطع بلدية الكرادة، خلف بناية قيادة القوة الجوية السابقة، أي انه يقع في مركز العاصمة بغداد التي استحالت بفعل المفسدين إلى أقذر عاصمة في العالم، ولهذا الزقاق حكاية مستمرة منذ ما يقارب الخمس سنوات والتي ما زالت مستمرة ولا أظنها ستنتهي قريبا لأن محركات الفساد ما زالت قائمة وتعمل بميكانيكية لا تعمل بها أية مؤسسة عراقية أخرى.
بدأت مأساة هذا الزقاق حين بدأت (أمانة بغداد) بتجديد شبكات الصرف الصحي لهذه المنطقة، والتي هي شبكات نفذت بطريقة علمية بعكس الجديدة، وبأقطار تتراوح بين (80-150 سم) وهي من الكونكريت وكانت على عمق يتراوح بين 1،5 متر ولغاية 2,5 متر، بينما الشبكات الجديدة، فقد تم تنفيذها باستخدام أنابيب بلاستيكية (معادة) بأقطار تتراوح بين (20 – 40 سم) وبعمق متساوٍ (حوالي نصف متر)، والمصيبة الأكبر أن الشركة المنفذة قامت بطمر شبكات الصرف الصحي القديمة التي لم تكن تشكو علة بالتراب كي تستطيع أخذ أغطية المنهولات القديمة لاستخدامها للمنهولات الجديدة للشبكة الجديدة التي توقفت عن العمل في أغلب المناطق التي تم إبدال شبكاتها من قبل نفس الشركة بعد أقل من أسبوعين من انجازها.
وهي المحلات من 902 ولغاية 906، علما أن الشركة مستمرة بتدمير شبكات الصرف الصحي القديمة (رغم اعتراضات الأهالي والمجالس المحلية فيها) فهي تدمر الآن شبكات الصرف الصحي لمحلة 902 وساحة الواثق بعملية يطلقون عليها (ربما تهكما) (مشاريع) تجديد شبكات الصرف الصحي.
إستراتيجية ممنهجة للتدمير
التقيت بعدد من المسؤولين والأهالي في المنطقة وتبين لي أن الموضوع أكبر من مجرد سوء تنفيذ لشركة من الدرجة العاشرة، بل هي إستراتيجية ممنهجة لتدمير المنطقة كما يقول أغلب من التقيت بهم ولأسباب مختلفة لكنها تصب في ذات الاتجاه.
ذهبت الى المجلس المحلي للمنطقة  فأخبرني رئيسه أن المجالس المحلية لا صوت لها في هذه المواضيع لأن المجلس قد قام بالاعتراض على عمل الشركة عدة مرات ولم يتم الاستماع له لا من قبل المجلس البلدي لقاطع الكرادة، ولا من قبل مجلس محافظة بغداد، ولا من قبل الأمانة التي أكتفت (جوابا عن مخاطباتنا لها بهذا الشأن) بالقول "ان الشركة المنفذة من أفضل الشركات التي تعمل مع أمانة بغداد" والحقيقة أصابني الفزع من سماع ذلك ، فاذا كانت هذه الشركة "هي أفضل شركة تعمل مع الأمانة، فهذا يعني ضرورة التحقق من كل ما نفذته الأمانة منذ السقوط ولغاية الان، وسيكون التحقيق متواضعا في نتائجه اذا كانت نتيجته مجرد هدر المال العام.
وقد أظهر لي المجلس المحلي عدداً من الكتب الرسمية التي خاطب بها الدوائر ذات العلاقة للاعتراض على عمل هذه الشركة، وعددها يتجاوز المئة، وكان بينها صورة للافتة كتب عليها "يا أهالي منطقة 902 أن المجلس المحلي غير مسؤول عن تدمير مناطقكم لكن يبدو أن الأمانة مصرة على تدمير مناطقكم رغم اعتراضاتنا" وتم تعليق هذه اللافتة – كما أخبرني رئيس المجلس" في ساحة الواثق لعدة أيام!!
تدوير الفساد
والموضوع يزداد غرابة كلما أخذ الحديث انسيابيته التي تعيقها مبررات الخوف والشك بين المتحاورين، فقد قامت شركة أخرى بتجديد أرصفة شوارع هذه المناطق قبل عام تقريبا، وكانت لا تستبدل كل الرصيف بل تقوم بتبديل بعض أجزائه وتقوم لاحقا بصبغ الرصيف (بأجزائه الجديدة والقديمة) باللونين الأبيض والأصفر لتعطي الانطباع بأنها أبدلت جميع اجزاء الرصيف!!! وبالمناسبة تقوم شركة تركية (الآن) باعادة تنفيذ نفس العمل المنفذ منذ عام تقريبا!!! هكذا تتسرب موازناتنا الخيالية على مشاريع (تدوير الفساد).
وقد استفزني سؤال رئيس المجلس لي "كم تعتقد عدد المسؤولين الذين يمرون من هنا يوميا؟" وهو سؤال يحمل معاني كثيرة، من بينها بالتأكيد عدم اكتراثهم لما يحصل بمدينتهم، من المهم أن أشير إلى أن أحد أعضاء مجلس النواب يسكن في المنطقة وعلى بعد شارعين فقط من الزقاق أعلاه، وانه يتم بناء مستشفى جديد في بناية القوة الجوية نفسها التي تقع جهتها الخلفية على منظر الأزقة التي تعلوها المياه الأسنة التي (تسر الناظرين)!
شبكات الصرف الصحي
وبالعودة إلى زقاق رقم 14 فقد قدم الأهالي قبل مدة شكوى إلى المجلس المحلي للمنطقة أرفقوه بعدد من الصور لزقاقهم تبين كيف انه غارق بمياه المجاري نتيجة طمر المجاري القديمة وعدم صلاحية الجديدة، وكانت الشكوى مرفقة بالصور التي أخذت في شهر أب من العام الماضي حيث لم تكن ثمة أمطار تسبب غرقها.
كما إن الزقاق (قد نسته) الشركة التي قامت بتبليط الأزقة المجاورة، وبالمناسبة كانت كل الأزقة كلها بحالة جيدة (لا تحتاج الى تبليط) قبل إقدام الأمانة على إبدال شبكات الصرف الصحي لشبكاتها التي "لم تكن بحاجة إلى تبديل"! هكذا يتم اختيار المشاريع من قبل الأمانة التي تقول إنها لا تكفيها مخصصاتها من الموازنة وتريد (تريليون) في الموازنة الجديدة. ولأن الشركة (قد نست) تبليط هذا الزقاق، فقد باشرت الأمانة (الان) تبليطه، بالنيابة عن الشركة التي نست تبليطه، فقامت بقطع كل أنابيب مياه الشرب للأهالي كما تبين الصور التي التقطتها للزقاق يوم الأربعاء 16/1/2013.ِ
التعاقد مع شركات جديدة
أحد أبناء المنطقة (حسن فليح) أخبرني انه سأل أحد العاملين المسؤولين عن إعادة ربط أنابيب المياه "متى ستقومون بإصلاحها؟" فيجيبه العامل - كما أخبرني (حسن) "جيبلنا يونية وتوصيلة وبوري بلاستك وسكول سبانة عدد 2 واحنه نجي نصلحها واحنه بخدمتك حجي"!! هذا رد عامل ربط الأنابيب وليس أي شخص آخر.
أنابيب المياه للمنازل غير المأهولة والتي تركها أهلها بسبب هذا التدمير الممنهج تم ثنيها وربطها على بعضها بخيط يتم إحضاره من النفايات القريبة التي يزداد حجمها يوميا بفعل عدم ممارسة الأمانة – التي تريد تريليون - كي تقوم بعملها.
هذا الزقاق مثال حي على الطريقة التي تعمل بها مؤسساتنا الخدمية، وهو مثال حول كيفية (تدوير الفساد) لينتج المزيد من الفساد، ففي هذا الزقاق، كما في كل أزقة المحلات أعلاه، تم طمر شبكات صرف لم تكن تشكو خللا، فنتج عن ذلك تدمير للتبليط الذي يكسو شوارعها مما يستدعي التعاقد مع شركة على تبليطها من جديد، ولأن التبليط يحتاج الى رصيف جديد، يتم التعاقد مع إحدى الشركات لتنفيذ ذلك، ولأن العمولات تكمم أفواه وتسد عيون الفاسدين، فان الشركات المنفذة لهذه المشاريع تبقى دون رقيب الا الحريصة منها على سمعتها - وهي قلة - فلن يصلح حالنا أبدا حتى لو كانت موازناتنا 1000 مليار دولار كل عام!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في دراجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram