لا أظن أن حالي كانت تختلف عن حال أي إنسان ذي ضمير يوم شاهدت بأم عيني، على أكثر من شاشة فضائية، عنصرين أو أكثر من أفراد قواتنا المسلحة "الباسلة" يطلقون الرصاص الحي على المتظاهرين بالفلوجة. كان احد الضباط لا يصوب للأعلى بل إلى صدور المتظاهرين بشكل واضح. كان صوت الرصاص يلعلع مقابل أصوات مرتجفة تصيح: سلمية .. سلمية.
صحت: هاي الرادها وهاي التمناها .. وهذا الخفت منّه طحت بيه ..
لقد عادت إلى ذهني تلك الصورة يوم هاجم جيش صدام المنتفضين في كربلاء بعد طرده من الكويت، وهم لا حول لهم ولا قوة غير اللوذ بضريح الإمام الحسين والاستغاثة به كي يحميهم.
لم يبق لي أمل غير أن أنتظر رد القائد العام للقوات المسلحة، الذي هو رئيس الحكومة وفي جيبه الكبير تنام الداخلية والدفاع وقوى الأمن والمخابرات والهيئات المستقلة وضمير المحكمة الاتحادية، لعله يخرج علينا بما يجعل من حادثة قتل المتظاهرين فرصة أخيرة يحمي بها العراق من شر مستطير. وفعلا رد "القائد" ببيان!
لم يبدأ بيانه بتعزية ذوي الضحايا، ولم يسمّهم شهداء ولم يترحم عليهم، ولو من باب اللياقة وتهدئة النفوس وتطييب الخواطر، على الأقل. أهم ما أراد قوله إنه اعتبر الاحداث التي شهدتها الفلوجة وأدت إلى سقوط ضحايا، بـ "غير المفاجئة". وهذا يعني أمرين:
الأول، انه يعلم بان المتظاهرين سيرمون الجيش الذي "يحميهم" بالحجارة وقناني المياه الفارغة. وهل يعقل أن جنديا، ولا أقول قائدا عسكريا لا يتوقع من متظاهرين أن يرموه بالحجارة التي صارت من "البديهيات" في اغلب تظاهرات الربيع العربي؟ وماذا تفعل الحجارة لعسكري يرتدي خوذة فولاذية على رأسه ودرعا واقيا من الرصاص على صدره؟ أما كان يجب استعمال القنابل المسيلة للدموع أو خراطيم المياه بدل الرصاص الحي؟ وهل هو شجاع فعلا من يقابل الحجارة بالطلقة؟ أما القناني الفارغة فهي قطعا بلاستيكية ولا تخيف ذبابة وليس دبابة. ثم إن كنت تعلم كل هذا، يا بعد رويحتي، لعد شجنت متاني؟ فيا حضرة "الدولة" هذه دماء ناس يهتز لسفكها عرش الرب، وليست "ملفا" ضد هذا أو ذاك لتحتفظ به لوقت الحاجة!
من يقول "غير مفاجئة" هو نحن وليس أنت لأننا لا نمتلك غير أن ننبه لوقوع الخطر، وقد نبهنا له مئات لا بل آلاف المرات. أما أنت فتستلم راتبك وتعيش كل هذا العيش الرغيد بالخضراء لأنك صاحب القرار وقد أقسمت على أن تكون خادما تحمي الوطن والشعب. فلماذا لم تؤد واجبك وتبر بقسمك وتمنع الأمر قبل حدوث الكارثة؟ الأمر الثاني، وربما هو الأقرب للواقع برأيي، انك أردت القول للمتظاهرين إن "ذنبكم على جنبكم" لأنك حذرتهم بـ "انتهوا قبل أن تُنهَوا"، فلم يطيعوك، فنالوا جزاء "عصيانهم"!
أخالك وكأنك تتمثل بمحفوظة "أم الحمام" أيام الابتدائية:
أم الحمام خاطبت أفراخها لا تخرجوا
قالت لهم في عشّها قالت لهم لا تخرجوا
فضحكوا من قولها ولم يبالوا بالخطر
وخرجوا من عشّهم ولم يبالوا بالخطر
لكن أتاهم ثعلبٌ فأكل الحمائما
رأى المكان خالياً فأكل الحمائما
قد هلكوا لأنهم يعصون أمر أمّهم
هذا جزاء كلّ مَنْ يعصون أمر أمهم
وإنا لله.
إنّـا لله
[post-views]
نشر في: 26 يناير, 2013: 08:00 م
جميع التعليقات 2
نوار الحسيني
كل الفرقاء السياسيين( الطركاعه ) يجلسون في ابراجهم العاجيه الكل متمسك برأيه وسلوكه تجاه الطرف الاخر عتبي الى المرجعيه الدينيه لاسيما السيد السيستاني بان يتخذ موقف صريح وواضح لا لغط فيه ولا يكون عرضة الى التأويل كل ٌ على مصلحته ولاني اعرف جيدا ان البلد
ابو عقيل
انا لدي سؤال أن عينك التي ستاكلها السعلوّة يوما ما ألم تشاهد راجمات الحجارة التي ضربوا بها العسكريين ولماذا اتجهوا اليهم اليسوا ليخرجوهم من مواقعهم حتى : يصير البيت لمطيرة واطير بيه فرد طيرة .وكل واحد في مكان العسكريين يكون رده بهذا الرد . الم يكن واجبه