لقد أكد العلماء الانكليز في لندن أن مشاهدة الأطفال التلفاز ستضر بهم أكثر مما تفيدهم، وأن كثرة وإطالة المشاهدة للبرامج المتعددة ستؤدي بهم إلى ضعف الإبصار والبدانة والبلوغ قبل الأوان. وقد نشرت مجلة «عالم الأحياء العلمية» دراسة ملخصها ما يأ

لقد أكد العلماء الانكليز في لندن أن مشاهدة الأطفال التلفاز ستضر بهم أكثر مما تفيدهم، وأن كثرة وإطالة المشاهدة للبرامج المتعددة ستؤدي بهم إلى ضعف الإبصار والبدانة والبلوغ قبل الأوان.

وقد نشرت مجلة «عالم الأحياء العلمية» دراسة ملخصها ما يأتي: إن اختصار وقت المشاهدة للأطفال لا بد وأن يحظى بالأولوية وذلك لصيانة صحتهم، وإذا طبقنا ذلك على أطفال بريطانيا - التي جرى البحث على أراضيها - فإننا سنقلل المصاريف التي تتكبدها وزارة الصحة البريطانية لعلاج الأمراض الناجمة عن طول فترات مشاهدة برامج التلفاز.

كما أضافت اللجنة، أن مشاهدة التلفاز تمنع إنتاج هرمون الميلاتومين الذي يؤثر بدوره في نظام المناعة ودورة النوم وبدء البلوغ وبخاصة عند الفتيات، لقد قام بهذا البحث عالم النفس المشهور د. أريك سيجمان عام 2012 الذي أضاف إلى ذلك قوله:

إن انخفاض معدل الميلاتومين قد يكون أحد أسباب بلوغ البنات المبكر، كما أن وزن من أمضين وقتاً طويلاً في مشاهدة برامج التلفاز قد زاد عن ذي قبل.

وأضاف سيجمان إلى ذلك الاكتشاف رأياً جريئاً إذ قال: من المحزن أن بعض الأكاديميين الذين لم يقتنعوا بما توصلت إليه تلك الدراسة، قد دقوا جرس الإنذار وصرحوا بشيء من المبالغة أننا بتجاهلنا هذه الدراسة سنتحمل المسؤولية عن أكبر نصيحة صحية نتعرض لها في هذا القرن.

طالب سيجمان الحكومة البريطانية بدراسة الموضوع بجدية وعلاج هذه المشكلة فوراً، وقد أصدر سيجمان كتاباً بعنوان «التحكم في التلفاز عن بعد» وقد ذكر فيه أضرار التلفاز على صحة أبنائنا وبناتنا واقترح من ذلك الكتاب خطة يتم بموجبها منع صغار الأطفال من مشاهدة التلفاز، كما طالب بالتحكم بعقلانية في الفترات التي يسمح فيها للأطفال بمشاهدة تلك البرامج التي يبثها ذلك الجهاز اللعين.

لقد اكتشف سيجمان عام 2012 أن الطفل الإنجليزي ذو الستة أعوام ينفق من عمره سنة كاملة في مشاهدة التلفاز، بل إن الأطفال البريطانيين البالغين من العمر 6 أعوام يقتنون أجهزة تلفاز في حجرات نومهم.

إن السماح للأطفال بالاستمرار في التسمر أمام شاشة التلفاز - في رأي سيجمان - يعتبر نوعاً من الإدمان علينا بمواجهته، كما أن الوالدين اللذين يسمحان لابنهما أو بنتهما بالبقاء أمام شاشة التلفاز طيلة هذا الوقت يعتبر أنهما مقصران في أداء واجبهما كما أن ذلك يلغي وظيفتهما ووجودهما.

أنا أنصح - والكلام هنا لسيجمان - الوالدين والحكومة بالتنبه لهذه المشكلة وحلها ببساطة شديدة ألا وهو تحديد ساعة واحدة يشاهد فيها الطفل البرنامج الذي يحبه ولنقل أن كرتون «توم وجيري» مثلاً. إن ذلك لن يستغرق أكثر من ساعة في اليوم. أما باقي المسلسلات والدراما والتمثيليات فلا داعي لبقاء الطفل أو الطفلة لمشاهدتها وخاصة انها تذاع بعد موعد النوم ولا داعي لبقاء الطفل أو الطفلة متيقظاً/ متيقظة لمشاهدة هذا النوع من البرامج فهو بجانب ضرره معنوياً ونفسياً إلا أنه أيضاً يضر ببصر الطفل أو الطفلة ويسبب لهما العديد من الأمراض نحن في غنى عنها.

إن الطفل العادي يقضي في مشاهدة التلفاز وبرامجه أكثر مما يقضي في أي نشاط آخر في ما عدا النوم. فعندما يصل الطفل إلى مرحلة المراهقة يكون قد شاهد التلفاز عدداً من الساعات تصل جملتها إلى أكثر من 15 ألف ساعة. ونتيجة لذلك نجد أن الطفل لا يملك إلا أن يتأثر بالتلفاز سواء أكان هذا التأثر حسناً أم سيئاً، وذكر ذلك سيبرمان سي. اي. في كتابه المشهور « أزمات داخل الصف الدراسي ».

مشاهدة التلفاز والعدوان

في دراسة بحثية قام بها ستين . اي. اتش وفدريك. ال. كير ودويتش. اف وينديجار. سي، عام 2010 بعنوان «آثار العدوان الناجمة عن مشاهدة برامج التلفاز» وتأثير ذلك على النواحي الاجتماعية للطفل قبل التحاقه بالمدرسة». ذكروا ان بعد إتمام مسح البرامج على امتداد فترة ست سنوات تبين أن متوسط معدل وقائع العنف في الساعة الواحدة ثماني وقائع. ومما يزيد الأمر سوءاً أن أفعال العدوان يتم تقديمها على أنها أساليب ناجحة لتناول وحل الصراعات والخلافات. لقد اعترف مراهق قام بقتل العديد من الأبرياء في ولاية فلورديدا الأمريكية أن مشاهدته التلفاز لساعات عدة يوميا أدت إلى اضطرابه عقلياً وأوحت إليه بارتكاب جريمته.»

يقول كل من ليبارت آر. ام  وكذلك بارون آر. ايه في كتابهما «الآثار المباشرة للعنف المذاع في برامج التلفاز على سلوك الأطفال»: «إن صغار الأطفال ليسوا مقيدين أو عاجزين عن التعبير عن العدوان، لذلك فإن تأثير مشاهدة برامج التلفزيون العنيفة فيهم قد يكون أقل تعقيداً من التأثير عند الكبار من الأطفال. لكن بعد بلوغ سنوات المرحلة الابتدائية تبين أن الأطفال عندما يشهدون العنف في التلفاز هم الأقل احتمالاً في أن يزداد عدوانهم فيما بعد.»

أما الباحثان في. بي وكروفت أر. جي وكاريار اس فقد أصدرا كتابهما «حساسية الأطفال تجاه برامج التلفاز العنيفة». وفيه يذكران: «انه كلما ازداد تعرض الأطفال لبرامج العنف قل احتمال تعرضهم لاستجابات القلق عند مشاهدة العنف. إن الأطفال يقل تأثرهم بالعنف بعد أن  يشهدوا قدراً كبيراً منه.»

ويضيفان إلى ذلك بقولهما: «إن مشاهدة العنف في برامج التلفاز يؤدي إلى ازدياد العدوان. كما أن رؤية هذه البرامج تؤدي إلى خفض في تكرار السلوك، بل تزيد القدرة على تحمل الإحباط ومن ثم التعاون والمساعدة والمشاركة والتفاعل الاجتماعي الودي«.

وقد توصل هؤلاء العلماء إلى مقولة: «إن البنات أقل ميلاً إلى مشاهدة عنف التلفاز من الأولاد ومنبع ذلك أنهن أقل عدوانية كما ينبغي ألا نقلل من تأثير قوة العنف في أفلام الكرتون ذلك أن كثيراً من الأطفال الصغار يشهدون أفلام الكرتون أكثر مما يشاهدون أنواعاً  أخرى من البرامج.»

التلفاز والسلوك الموافق اجتماعياً

كما يؤثر التلفاز في السلوك والاتجاه العدواني، كذلك فإنه من الممكن أن يفيد في تنمية السلوك المرغوب فيه. فمن الممكن أن تصبح شخصيات التلفزيون نماذج السلوك المساعدة والحنو والتعاطف وغير ذلك من التصرفات الموافقة اجتماعياً التي يمكن أن تؤدي إلى تغييرات ايجابية في سلوك الأطفال.