يرى عدد من الأكاديميين أن تصحيح مسار الاقتصاد الوطني ودفع عجلة التنمية نحو الأمام ورفع مساهمة القطاعات غير النفطية كـ (القطاع الصناعي والزراعي والسياحي ) في الناتج المحلي الإجمالي ، يأتي كنتيجة حتمية لتنفيذ سياسات إصلاح اقتصادي إداري وإعادة الهيكلة ب
يرى عدد من الأكاديميين أن تصحيح مسار الاقتصاد الوطني ودفع عجلة التنمية نحو الأمام ورفع مساهمة القطاعات غير النفطية كـ (القطاع الصناعي والزراعي والسياحي ) في الناتج المحلي الإجمالي ، يأتي كنتيجة حتمية لتنفيذ سياسات إصلاح اقتصادي إداري وإعادة الهيكلة بالمستوى المطلوب .
وقالت الخبيرة الاقتصادية بوزارة الصناعة والمعادن إخلاص جبار ناصر لـ (المدى):إن المطلوب هنا هو تنفيذ حزمة متكاملة من السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية الكلية المرتبطة بتنفيذ برنامج استثماري واسع لرفع معدلات النمو الاقتصادي وزيادة مستويات تشغيل الأيدي العاملة ، وكذلك تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي سواء كان المباشر أو غير المباشر من اجل رفع معدلات تشغيل الموارد المحلية ، عبر إجراء إصلاحات إدارية ومالية شاملة .
وأضافت :إن تنفيذ سياسات تستهدف سعر الصرف الحقيقية عند مستويات تنافسية ، مهم جدا في هذا الصدد مقترن بمساندة سياسة مالية ونقدية غير توسعية من اجل تقليص معدلات التضخم المرتفعة التي يعاني منها الاقتصاد العراقي والتي تسهم في رفع تكلفة الإنتاج ، ومن ثم التأثير على سعر الصرف الحقيقي ، فضلا عن الاستفادة من برامج الإصلاح الاقتصادي لعدد من الدول العربية كالسعودية وغيرها ، وإنشاء شبكات فاعلة للضمان الاجتماعي وتطويرها للتخلص من الآثار السلبية المرافقة لتنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي وإعادة الهيكلة.
وزادت أن تحقيق الاندماج مع الاقتصاد العالمي شرط أساس ليكون اندماجا متوازنا بشكل لا يتم على حساب التفريط بالمصالح الاقتصادية الوطنية ، مع وجود نظم ملائمة للموارد البشرية ، وتعد مشكلة الفساد الإداري من أكبر المشكلات التي يواجهها الاقتصاد العراقي في المؤسسات الحكومية على وجه الخصوص.
وبينت أن تبني منهج الاستثمار بشتى أنواعه كوسيلة فاعلة في إحداث تغييرات جذرية وسريعة في العراق الجديد ، لاسيما بعد أن مر الاقتصاد العراقي بحقبة طويلة تميزت بطولها مقارنة بالفترات التي شهدت حدوث تطورات تكنولوجية وفكرية ، في حين بقي الاقتصاد الوطني يستخدم التكنولوجيا وأفكار ونظريات قديمة نتيجة الحصار المادي والمعنوي وعدم توفر إمكانية مواكبة تلك التطورات .
ولفتت إلى أن الموضوع يتطلب اتخاذ عدد من الإجراءات ،منها دراسة واقع القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية والنفطية والخدمية ، على أساس أن العراق يملك أماكن دينية مقدسة وأثارا حضارية عريقة ، وأحداث ترابط وتشابك بين هذه القطاعات الاقتصادية ،الأمر الذي يتطلب ثبات أسعار صرف العملة المحلية ( الدينار) والحد من حالات التضخم ودعم وتشجيع الاستثمار الداخلي كخطوة لإيجاد مشاريع جاذبة للاستثمار الخارجي .
ونوهت إلى أهمية إحداث إصلاحات إدارية واجتماعية وإعادة هيكلة قانون الاستثمار من جديد وتطويره ، وخلق ثقة بين الدولة والمواطن على وفق متطلبات تجربة الاستثمار الحديثة في بلادنا ، وضرورة القيام بتعديلات لقانون الاستثمار المرقم 13 لسنة 2006 بما يخدم العمل الاستثماري في العراق .
من جانبه قال التدريسي في الجامعة المستنصرية إياد العامري إن من أهم الجوانب التي من الممكن أن ينجح فيها الاستثمار هو القطاع الصناعي ، مما يتطلب تحديد الصفات العامة لهذا القطاع المتمثلة بغياب الستراتيجية التنظيمية الموحدة التي تجمع الخطوات والقرارات المتخذة لتنمية القطاع الصناعي في اطر زمنية ضمن كميات تسويقية رقمية محددة .
وأضاف إن غياب التماسك الوثيق بين تلك الروابط أسهم في تراجع القطاع الصناعي بمختلف نشاطاته ، لاسيما بعد مرور هذا القطاع بفترات من التذبذب بين الوفرة والندرة ، ومن الاهتمام إلى الإهمال بسبب حقبة من الحروب والعقوبات الاقتصادية ،إلى جانب افتقار الإدارات الصناعية إلى استخدام وسائل التدريب التقني والفني والإداري بما يعزز قدراتها ورفدها بكل مفردات المهارة الحديثة .
وألمح إلى أن من الأسباب الأخرى وراء تراجع القطاع الصناعي هي حدوث حالة من التسرب للكثير من الخبرات الفنية المتقدمة التي كانت تعمل في هذا القطاع ، نحو قطاعات أخرى لا تمت بصلة إلى تخصصاتها ،سواء داخل أو خارج البلاد ، بالرغم من إنفاق مبالغ مالية كبيرة على تلك الكوادر والكفاءات لتطويرها وصقل مهاراتها على مدى سنوات عديدة .
وأوضح :كان مفترضا أن تتم إعادة النظر الشاملة بأوضاع الاقتصاد العراقي بعد سنوات طويلة مابين اقتصاديات الحرب والحصار، والتدمير والنهب والفساد، وكان متوقعا أن يكون هذا مبكرا عندما انكشف غبار السنوات الماضية واستيعاب رعب الصدمة، إذ كان من الطبيعي أن يكون هذا الهم هو هما وطنيا خالصاً، فستراتيجية إصلاح الاقتصاد العراقي وانتشاله من أوضاعه المركبة، تبقى في المقام الأخير هدفا يفترض أن يظل هاجسا للقوى الوطنية والمخلصين، بينما لا يشكل ذلك المعطى هدفا يحظى بأولوية لغيرهم، فسياسة التعجيز والأضعاف والاتكاء، هو الأمر الأكثر حضورا في المشهد العراقي، لأن هذا سيكون مدخلا للقبول بالوصفة التقليدية لصندوق النقد الدولي في الخصخصة وتخفيض الدعم،أو الذهاب إلى الاستدانة المشروطة،وعدم القدرة على زيادة إنتاج النفط من دون تدخل الشركات النفطية العملاقة الأمريكية والبريطانية وغيرها . وأشار إلى أن التأخر المتعمد في النهوض بالاقتصاد العراقي من أزمته وركوده، تستوجب وقفة مجتمعية وطنية سواء من ذوي الاختصاص أم من القائمين على الأمر في السلطات التنفيذية .