بغداد/ المدى برس كشفت وزارة الموارد المائية عن تمكنها من إعادة إحياء ما نسبته 52 بالمئة من مساحة الأهوار، مؤكدة سعيها لشمولها باتفاقية "رامسار". وفي حين بينت وكالة التنمية الأميركية أن إحياء المنطقة يتطلب من الحكومة تطوير أساليب إدارة المياه، دعت (
بغداد/ المدى برس
كشفت وزارة الموارد المائية عن تمكنها من إعادة إحياء ما نسبته 52 بالمئة من مساحة الأهوار، مؤكدة سعيها لشمولها باتفاقية "رامسار". وفي حين بينت وكالة التنمية الأميركية أن إحياء المنطقة يتطلب من الحكومة تطوير أساليب إدارة المياه، دعت (يونامي) إلى وضع إستراتيجية لحماية المسطحات المائية في العراق وإدخالها إلى التراث العالمي.
بغداد: غمرنا 52% من مساحة الأهوار
وقالت معاون مدير مركز انعاش الأهوار في وزارة الموارد المائية، سميرة الشبيب، في كلمة لها خلال ندوة نظمتها السفارة الأميركية في بغداد، بمناسبة اليوم العالمي للأراضي الرطبة، وحضرته (المدى برس)، إن "الوزارة تمكنت خلال المدة القليلة الماضية من غمر نحو 52 بالمئة من مساحة الأهوار بالمنطقة الجنوبية بالمياه"، مبينة أن "المياه نسبة الاغمار في هور الحمار بمحافظة ذي قار، (يبعد مركزها الناصرية، 350 كم جنوب العاصمة بغداد)، بلغت 88 بالمئة".
وأضافت الشبيب أن "الوزارة تعمل حالياً على انجاز خطة لرفع نسبة غمر الأهوار إلى 75 بالمئة مما كانت عليه في العام 1973"، مشيرة إلى أن "الخطة تطمح بغمر نحو 5560 من أصل 8530 كلم هي المساحة الكلية للأهوار".
وأوضحت معاون مدير مركز انعاش الأهوار في وزارة الموارد المائية، أن "الوزارة تسعى أيضاً إلى شمول أهوار العراق باتفاقية رامسار للأراضي الرطبة بما يؤمن الحصول على الدعم الدولي في إعادة إحيائها".
واتفاقية رامسار، هي معاهدة دولية للأراضي الرطبة، توفر إطار عمل للتعاون الوطني والمحلي لحماية الأراضي الرطبة والاستخدام الأمثل لمواردها، أقرت في مدينة رامسار الإيرانية عام 1971 وفعلت عام 1975، وهي الاتفاقية البيئية الوحيدة التي تتعامل مع نظام بيئي معين وتضم الدول الاعضاء في الاتفاقية كل الأقاليم الجغرافية على وجه المعمورة.
والأراضي الرطبة، هي نظام مائي بيئي يعتمد على غمر دائم أو متكرر بمياه ضحلة، أو تشبع السطح أو قرب السطح للماء، الحد الأدنى للصفة الأساسية للأراضي الرطبة.
في حين ينص التعريف الدولي لها كما ورد في اتفاقية رامسار، على أن "مناطق الأهوار والسبخات والمستنقعات، سواء كانت طبيعية أم اصطناعية، تغمرها مياه راكدة أم جارية، عذبة أم ملحية بما في ذلك نطاقات المياه البحرية التي لا يزيد عمقها عند الجزر على ستة امتار، وتشمل الشواطئ النهرية والبحرية وجميع الاراضي التي تغشاها الطيور".
واشنطن: تأكيد على تقنيات الري المتطورة
من جانبها أكدت وكالة التنمية الأميركية، أنها استطاعت بالتعاون مع الجهات العراقية أن "تحقق تقدماً في إعادة إحياء الأهوار".
وقال مدير وكالة التنمية الأميركية، توست تول، في حديث إلى (المدى برس)، إن هذا "التقدم يشكل بداية جيدة لإعادة الروح إلى هذه المنطقة المهمة في العراق"، مستدركاً "إلا أن استمرار التقدم في هذا الملف يحتاج من الحكومة العراقية إلى تطوير إدارة ملف المياه من خلال استخدام التقنيات المتقدمة". وأوضح مدير وكالة التنمية الأميركية، أن "الوكالة أطلقت مشروع الحصاد لتطوير أساليب الري في العراق بالتنسيق مع وزارة الزراعة العراقية".
الأمم المتحدة: إدراج الأهوار على لائحة التراث العالمي
على صعيد متصل، دعت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) إلى إدراج الأهوار على لائحة التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو، وشددت هي الأخرى على ضرورة "تحسين إدارة المياه في العراق".
وقالت نائب رئيس بعثة يونامي في العراق لشؤون التنمية والشؤون الإنسانية، جاكلين بادكوك، في حديث إلى (المدى برس)، إن "وضع الأهوار على لائحة التراث العالمي يشكل أمراً مهماً للمحافظة على الأهوار وتحسين بيئتها"، ورأت أن من الضروري "وضع خطة إستراتيجية لحماية الأهوار والمسطحات المائية في العراق".
يذكر أن لائحة التراث العالي، تضم معالم تقوم لجنة التراث العالمي في اليونسكو بترشيحها ليتم إدراجها ضمن برنامج مواقع التراث الدولية التي تديره المنظمة، وهذه المعالم قد تكون طبيعية، كالغابات وسلاسل الجبال، أو من صنع الإنسان كالبنايات والمدن، وانطلق هذا البرنامج عن طريق اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي الذي تُبني خلال المؤتمر العام لليونسكو والذي عقد في الـ 16 من تشرين الثاني 1972، ومنذ توقيعها، صادقت 189 دولة على هذه الاتفاقية، ويهدف البرنامج إلى تصنيف وتسمية والحفاظ على المواقع ذات الأهمية الخاصة للجنس البشري، سواء كانت ثقافية أم طبيعية، ومن خلال هذه الاتفاقية، تحصل المواقع المدرجة في هذا البرنامج على مساعدات مالية تحت شروط معينة.
وبلغ عدد المواقع المدرجة في هذه القائمة حتى عام 2011، 936 موقعاً، منها 725 موقعاً ثقافياً و183 موقعاً طبيعياً و28 موقعاً يدخل ضمن الصنفين، في 153 دولة من الدول الأعضاء، وترمز اليونسكو إلى كل موقع من هذه المواقع برقم خاص، لكن مع تغيير نظام الترقييم فقد يتم إعادة إدراج بعض المواقع ضمن تصنيف أكبر، لذلك، فإن نظام الترقيم الحالي وصل إلى 1100 بالرغم من أن عدد المواقع أقل من ذلك حاليا، وتحمل إيطاليا الرقم الأكبر في عدد المواقع التراثية وهو 44 موقعاً.
ويعتبر كل موقع من مواقع التراث ملكاً للدولة التي يقع ضمن حدودها، لكنه يحصل على اهتمام من المجتمع الدولي للتأكد من الحفاظ عليه للأجيال المقبلة، وتشترك جميع الدول الأعضاء في الاتفاقية، والبالغ عددها 189 دولة، في حماية والحفاظ على هذه المواقع.
وعلى الرغم من إعلان الحكومة العراقية ووزارة الدولة لشؤون الأهوار الملغاة، خلال السنوات الماضية، عن تحقيق تقدم في مجال إعادة إحياء الأهوار ووضع خطة لتنفيذ الكثير من المشاريع فيها، إلا أنها ما تزال، بحسب سكان المنطقة، بل وحتى اللجنة المعنية بانعاش الأهوار، تعاني من افتقادها إلى العديد من الخدمات خصوصاً الصحية والتعليمية فضلاً عن عدم تعبيد الطرق التي تربطها بأغلب المدن والاقضية الرئيسة في الجنوب العراقي، وتلكؤ المشاريع لأسباب مختلفة.
وتغطي الأهوار مساحة كبيرة من محافظات البصرة وميسان وذي قار جنوبي العراق، وهي تزخر بالأسماك النهرية والكثير من الأحياء المائية الأخرى، إضافة إلى أنواع مختلفة من النباتات أهمها القصب والبردى، ونتيجة لاعتدال مناخها تقصدها أعداد كبيرة من الطيور المهاجرة التي تستقر وتتكاثر فيها خلال فصل الشتاء، ومن ثم تعود إلى مواطنها الأصلية ضمن هجرات كبرى تمتد عبر القارات.
وكانت أسراب تلك الطيور تحجب الشمس مع بداية كل فصل شتاء لدى تحليقها نهاراً فوق مدينة البصرة قبل ان تحط في مناطق الأهوار، لكن أعدادها أخذت تتقلص تدريجياً لأسباب يرى بعض الباحثين، انها ناجمة عن التغيرات المناخية وعمليات التجفيف التي تعرضت لها الأهوار، فضلاً عن الصيد الجائر.
يذكر أن الواقع السياحي في الأهوار تدهور من جراء الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، لينهار بالكامل خلال عقد التسعينيات، وهي المرحلة التي شهدت قيام النظام السابق بتجفيف مساحات واسعة من الأهوار وتهجير الكثير من سكانها.