حين أعلن رسميا عن إطلاق سراح المئات من السجينات والموقوفات، اللواتي عوقبن بجريرة الغير (الابن، الأب، الزوج، ..إلخ) تراءى للمعنيين بشؤون القانون، مدى عبثية المشهد. فعبر قرار وشطحة قلم، تساق المئات من النساء كرهائن، بقيد صارم وشرط أكثر صرامة، وبلحظة تجل وانصياع وشخطة قلم، يطلق سراحهن دون قيد أو شرط... أية مفارقة؟
انتبه المشرع – في معظم القوانين الوضعية – أكاد أقول كلها باستثناء قوانين الغابة – لمبدأ إنساني، أخلاقي، ينص على مبدأ شخصية العقوبة حيثما وجدت الحاجة لإيراده،،، شخصية العقوبة تعني أن لا يؤاخد بجريرة العمل المشين - جناية أو جنحة، أو مخالفة - سوى من ارتكب العمل، في حالات قليلة يؤاخذ أيضا من حرض على الفعل وهيأ الظروف لارتكابه... يعني: أن لا تحاكم الأم بجريرة ابنها السارق، ولا يساق الأب للمقصلة لأن ابنه قاتل، .. المبدأ ساري المفعول في تطبيقات القانون، ولا يجوز تجاوزه إلا في حالات فريدة، كأن يكون الأب محرضا أساسيا، أو أن الفعل الشائن جرى بتشجيع الأم ومباركتها.
أي ظلم وحيف يحيق بالمرأة المنكوبة بفعل زوجها أو ابنها، يقبض عليها غير متلبسة بفعل مخالف للقانون، تساق - مذعنة - كالشاة، وتدعى للكشف عمن هرب أو تخفى منهم؟ وماذا يتوقع من أم أو أخت أو ابنة أو زوجة من ردة الفعل؟ وهل سيدلين بمعلومات تقود (الشرطي) للقبض على زوجها أو فلذة كبدها.
عدد السجينات الموقوفات أو المسجونات بجريرة رجال العائلة - المعلن رسميا - رقم مأساوي مخيف، يخز عيون كل بريء يتحسب من أخذه رهينة بجريرة الغير.. تبقى كلمة منصفة في هذا الشأن، فالدولة كونها حامية المواطن، ودرعه الواقي من عسف وحيف وظلم وانتهاك، ولأن الوضع الأمني مشروخ ومخترق، فلا أقل من الاحتماء بجهاز قضائي كفوء، وكادر مؤهل، وحكام تحقيق لا تشوب أحكامهم شائبة ، يميزون بين الاعتراف الطوعي والاعتراف تحت براثن التهديد وضرب السياط.
إعادة الاعتبار لمبدأ شخصية العقوبة، تكريما لأعرق شريعة مدونة عرفها التاريخ.. وإعادة الاعتبار لهيبة دولة، تتباهى في كل حين إنها دولة القانون.
حتى إشعار آخر!
[post-views]
نشر في: 1 فبراير, 2013: 08:00 م