بغداد/احمد نوفل عند عودتي الى البيت عند نهاية عملي، دائما ما استعيد الحكايات التي تتحدث عن ضباب لندن، لم يسبق لي زيارة هذه المدينة العالمية العريقة ولكن مدينتي في شرق العاصمة تضطرني الى تذكر لندن وضبابها، هناك علاقة مابين الاثنتين ولا تنحصر في الضباب
فقط بل في اشياء عديدة منها ان الغبار الذي تثيره حركة السيارا ت تغطي المباني وتحجبها عن الرؤية ويعود ذلك الى ان الشوارع العارية من طبقة الاسفلت تـعــد المصدر الاساسي له. المطر وحده الذي يستطيع ازالة الضباب والغبار معا ولكن في المنطقة التي اسكنها وان حدث ونزل المطر فالمشكلة تعد اكبر من مشكلة الغبار، اذ تتحول الازقة والشوارع الى منزلقات ووحول وحفر فاغرة فاها للسيارات والمارة معا.عندها نتذكر الغبار ونأسف لايامه الخوالي والعكس بالعكس. لندن ومدينة الضباب يمكن ان نجد لهما علاقة ايجابية وليست سلبية كما ذكرنا اذ ان الاخيرة كانت شوارعها في الايام الممطرة تتحول الى ما يشبه المرآة الصقيلة التي تعكس صور البيت ذات الطراز المعماري المميز وتسترد الاشجار خضرتها العميقة التي تريح الناظر اليها، ومؤخرا زالت هذه العلاقة بعد ان جرفت الشوارع وازيلت طبقتها الإسمنتية. الوحل والطين وليس الغبار كان له تأثير بالغ في إصابة صديق لي بمرض نفسي دفعه الى ان يستعين بطبيب اختصاص للشفاء مما اصيب به، لم يتحمل الأيام الشتائية الصعبة التي مرت عليه وهو يخوض الوحل الاسود في سبيل الوصول الى المكان الذي يبغيه استعان بالاكياس لتغليف قدميه لتحاشي الطين والوحل لكنه لم يفلح ثم استعان بالجزمة المطاطية الطويلة العنق لكنها لم تكن ملائمة لموظف حكومي يفترض فيه ان يراعي الانسجام في المظهر، لذلك كان انعكاس البيئة الموحلة على نفسيته خطيرا. مؤخرا التقيته وهو ينحني ويمسح بمنديل ورقي حذاءه الذي عفر بالغبارورفع راسه نحوي ليقول انظر الى طبقة الغبار الكثيفة التي تغطيه ولا اعلم الكمية التي استنشقتها واعتقد بأنها دخلت الرئة وستفعل فعلها فيما ياتي من الأيام.. صراحة لا نعلم متى ينأى المواطن في العاصمة عن طبقة الغبار و وحل الشارع.
اشارة:بين غبار الصيف ووحل الشتاء
نشر في: 25 أكتوبر, 2009: 05:08 م