كما هي الحال كل عام، فان انتاج النفط العراقي كان متذبذباً خلال العام المنصرم . لكن برغم ذلك فقد شهدت البلاد مكاسب هائلة بضمنها أعلى معدلات انتاج و تصدير على مدى سنة ، وزيادة كبيرة في العائدات ، كل هذا كان نتيجة لجهود الشركات الاجنبي
كما هي الحال كل عام، فان انتاج النفط العراقي كان متذبذباً خلال العام المنصرم . لكن برغم ذلك فقد شهدت البلاد مكاسب هائلة بضمنها أعلى معدلات انتاج و تصدير على مدى سنة ، وزيادة كبيرة في العائدات ، كل هذا كان نتيجة لجهود الشركات الاجنبية العاملة في جنوب العراق، ولافتتاح نقطتي ربط جديدتين سمحت بمبيعات خارجية اكبر ، كما يعود الفضل في ذلك الى استمرار التوترات في الشرق الاوسط التي حافظت على ارتفاع اسعار النفط .
في كانون الأول الماضي انتهى الأمر بالانخفاض، حيث قام العراق في ذلك الشهر بتصدير ما معدله 2.35 مليون برميل في اليوم الواحد؛ أي اقل من معدل تشرين الثاني بنسبة 11% ، حيث صدر انبوب النفط الجنوبي معدل 2.022 مليون برميل في كانون الأول و هو اقل من تشرين الثاني الذي بلغ 2.122 مليون برميل ، كما شهد الانبوب الشمالي انخفاضا كبيرا من 426.600 برميل في تشرين الثاني الى 325.800 في كانون الأول ؛ وتم تصدير 11 الف برميل بالناقلات الى الاردن في اليوم الواحد، يعود سبب الانخفاض لشهر كانون الأول الى عاملين رئيسيين . الاول هو سوء الاحوال الجوية التي ضربت ميناء البصرة مما تسبب في تأخير رسو الناقلات وتحميل شحناتها، العامل الثاني هو ان الكرد أوقفوا صادراتهم للمرة الثانية في 2012 ، كما في المرة الاخيرة، فان حكومة اقليم كردستان قد اتهمت حكومة بغداد برفض دفع مستحقات تكاليف الشركات العاملة هناك. كان من المفترض ان تقوم الحكومة المركزية بتسديد الدفعة الثانية التي تبلغ 296.6 مليون دولار لكنها فشلت في ذلك، و قال نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني أن الكرد لا يلتزمون بحصصهم من التصدير – و هذا غير صحيح – الا ان السبب الرئيس هو الصراع المتواصل بين الطرفين حول صلاحية توقيع عقود النفط.
في شهر ايلول توصل الطرفان الى صفقة تصدير جديدة لكنها سرعان ما انهارت، كما حصل مع الصفقتين السابقتين ، بسبب القضايا البارزة بين بغداد و اربيل نتيجة لذلك، انتهى الأمر بالكرد الى ان يوقفوا التصدير في كانون الأول ما لم يتم حل هذه الخلافات، فان المزيد من هذه الاتفاقات قصيرة الأمد ستؤول الى الفشل .
ان مشكلة الاحوال الجوية في الجنوب سبق ان اصابت العراق لعقود و انها تحتاج الى استثمارات كبيرة في البنية التحتية الجديدة من اجل التغلب عليها، و يقع على عاتق حكومة بغداد ان تنظم قائمة بذلك الا انها لم تقم حتى الآن بأي شيء بشأن هذه المسألة.
تماشياً مع الانخفاض في الصادرات، فقد انخفض سعر النفط العراقي ايضا خلال الشهر الماضي، ففي كانون الأول تم بيع برميل الخام العراقي بسعر 103.72 دولارا ، أي اقل من 104.32 دولارا في تشرين الثاني ، و كان ذلك جزءا من انخفاض الاسعار الذي دام لثلاثة اشهر نتيجة لذلك، كسب العراق 7.551 مليار دولار في كانون الأول بالمقارنة مع 8.2 مليار في تشرين الثاني مما جعله رابع أدنى معدل شهري في عام 2012 .
في كانون الأول ايضا اتفق العراق و الأردن على مد خط انابيب جديد يربط حقول العراق الجنوبية بميناء العقبة على البحر الأحمر، في الوقت نفسه، ذكرت بغداد انها ستزيد من صادراتها الى الأردن من 10 آلاف برميل في اليوم الواحد الى 15 الفا ، هذا البترول هو للاستخدام المحلي في الأردن و انه مهم جدا للاقتصاد المحلي الأردني، كما انه بيع بأقل من قيمة السوق من أجل ادامة علاقات طيبة بين البلدين.
ان خطة مد الانبوب الجديد هي جزء من محاولة عراقية للتقليل من اعتمادها على ميناء البصرة في اغلبية صادراتها ، الصراع بين الغرب و ايران لازال في اعلى درجاته و من الممكن ان يتسبب في قطع الشحن عبر الخليج العربي مما قد يؤدي الى خنق الاقتصاد العراقي، كما ان بغداد تستكشف مسارات تصدير ممكنة اخرى .
بالنسبة الى عام 2012 ، فقد وصل العراق الى بعض المؤشرات المثيرة للإعجاب، اولها انه انتج ، في شهر آذار ، اكثر من 3 ملايين برميل من النفط لأول مرة خلال ثلاثين عاما ، و في شهر ايلول وصل الى 3.2 مليون برميل ، كما شهدت الصادرات زيادة كبيرة ، حيث بلغت معدل 2.565 مليون برميل يوميا في شهر آب ، و في شهري تشرين الأول و تشرين الثاني ارتفع المعدل الى 2.620 مليون برميل، السبب الرئيس لهذه الزيادات الكبيرة كان افتتاح محطتي الربط الجديدتين في ميناء الفاو في شهري آذار و نيسان، لا زال الافتقار الى محطات ضخ قريبة من الساحل والى خطوط انابيب جديدة تشكّل قضية، فمثلا، لا تستطيع محطتا الربط العمل في وقت واحد؛ و برغم ان طاقتهما تبلغ 850 – 900 الف برميل يوميا فانهما لا تستطيعان تشغيل اكثر من نصف هذا الرقم ما لم يتم بناء خطوط جديدة ، مع هذا فقد ارتفعت الصادرات بنسبة 11% و بمعدل 2.41 مليون برميل لعام 2012 مقارنة بالعام 2011 الذي بلغ معدله 2.16 مليون برميل .
بالاضافة الى ذلك، فان التوترات المستمرة في الشرق الاوسط و شمال افريقيا قد حافظت على ارتفاع الاسعار بمعدل 106.20 دولار للبرميل الواحد من الخام العراقي ، أي بزيادة عن عام 2011 الذي بلغ 105 دولارات ، و كانت النتيجة ارتفاع العائدات من 82.968 مليار دولار في 2011 الى 94.025 مليار في 2012 .
مستقبل الاسعار للعام الحالي لازال غير مؤكد ، البلدان التي انخفضت صادراتها بسبب صراعاتها الداخلية مثل ليبيا ، قد بدأت بضخ المزيد من النفط، في الوقت نفسه ، تسببت العقوبات المفروضة على ايران بانهيار كبير في صادراتها، كما ان هناك صراعاً داخل الاوبك حول زيادة انتاج البلدان الاعضاء مما قد ينتج عنه انخفاض في الاسعار العالمية، خطط العراق في الاستمرار بانتاج و تصدير اكبر ما يمكن قد تعاني من المشاكل نتيجة لذلك ، فاما ان العراق سيستمر بالاستفادة من ارتفاع الاسعار نتيجة مشاكل ايران و البلدان الاخرى، او ان نهجه قد يُسهم في الانهيار .
العراق يتعافى – برغم البطء – من التأثيرات السلبية لعقود من الحروب و العقوبات ، كان عام 2012 عاما بارزا ، اذ ان البلد عاد الى مستويات انتاجه النفطي في سنوات الثمانينيات من القرن الماضي ، و في العام الحالي يمكن ان يتجاوز تلك الارقام ، لا زال امامه الكثير من العمل، خاصة في ما يتعلق بالبنية التحتية، قبل ان يتمكن من الوصول الى طاقته الحقيقية، كما ان الحرب الكلامية بين الحكومة المركزية و حكومة اقليم كردستان حول عقود النفط ستستمر ايضا، لكن لن يكون لها تأثير كبير على معدلات الانتاج لأن القسم الاكبر من النفط موجود في الجنوب مع ذلك فمن المتوقع ان تستمر الصادرات الكردية عبر خط الانابيب الشمالي في المستقبل المنظور . القضية الحقيقية التي تواجه العراق هي سوق الطاقة العالمي ، اذا ما انخفضت الاسعار، فقد تضطر بغداد الى اعادة النظر ببعض اهدافها قريبة المدى، بدأ العراق فعلا باعادة العمل على الصفقات مع البلدان العالمية لتقليص اهدافه الانتاجية الستراتيجية.
المزيد من الانقطاعات قد تأتي بنتائج عكسية وقد يضر العراق بنفسه من خلال زيادة الصادرات في وقت يفيض فيه السوق بنفط الدول المنتجة الأخرى .
عن : افكار عن العراق