علاقة نعيم بالعمل الإعلامي لا تتعدى أنه كان أحد منتسبي شعبة التنضيد في إحدى صحف النظام السابق ، يبدأ عمله مساء وحتى طبع الجريدة ، متفرغا لعمل آخر في النهار ليسدد نفقات أسرته ، ودفع بدل الإيجار الشهري لمنزله الواقع في ضواحي العاصمة ، ونظراً لظروفه المعيشية الصعبة بوصفه احد ضحايا الحصار الجائر ، حصل على امتياز من الإدارة بمنحه 20 نسخة من الجريدة لغرض بيعها والتصرف بثمنها ، وهذا الامتياز جعله يتشبث بعمله المسائي ، ولنبله ، وهدوئه ، وكبر سنه قياسا بزملائه الآخرين احتفظ بعلاقات طيبة مع الجميع فكان موضع احترام وتقدير ، وكل هذا الصفات لم تبدد النظرة له بأنه عنصر خطير جدا في الجريدة ، وسبب في حصول كارثة سياسية ، وكان العاملون معه وخصوصا في قسم التصحيح يستنفرون كل الجهود خشية الوقوع في خطا فادح ارتكبه نعيم سهوا ، وخارج إرادته .
عندما ينتهي العمل مع نعيم يستذكر زملاؤه في اليوم التالي كوارثه ، ويحمدون الله ويشكرونه أنها لم تظهر في الجريدة ، تم تجاوزها وتصحيحها في الوقت الحرج ، وقبل الطبع بدقائق ، فهو عندما يباشر بتنضيد المادة ، سواء كانت برقية مرفوعة من تجمع عشائري إلى القيادة أو مقالة لأحد الكتاب السياسيين يخرج نعيم عن النص ويضيف ما تختزنه ذاكرته من كلمات وأقوال وعبارات جاهزة منطبعة في مخيلته ، ومن هنا تبدأ الكارثة ، وعلى المصحح أن يسعف الموقف بمطابقة المادة المطبوعة مع المسودة الأصلية ، وتلك المهمة ليست سهلة ، وتصلح أن تكون تهمة للمنضد بتشويه أفكار الحزب ، والنيل من منجزات الثورة .
في بعض الأحيان تمر أخطاء نعيم في بعض المواد من دون إثارة مشاكل لأنها ليست ذات طابع سياسي ، ولكنها تدفع كتابها للاعتراض والاتصال برئيس التحرير للاستفسار عن تشويه مقال ، وهذا ما حصل مع مؤرخ تناول حادثة حصار الكوت ،وبعد كلمة حصار أضاف نعيم مفردات الجائر المفروض على العراق ، وبالتفاف أبناء الأمة حول القيادة سيحقق العراقيون نصرهم الناجز تحت راية الله أكبر ، كاتب المادة استسلم للأمر ، وتخلى عن السؤال والاستفسار عندما علم أن الخطا مطبعي غير مقصود ، لكن نعيم ومعه المصحح نالا من مدير التحرير التوبيخ والتحذير ، والتلويح بعقوبة اشد في حال تكرار الخطأ .
بقية الأخطاء ليس من المناسب الإشارة إليها هذه الأيام، خوفا على المنضد نعيم من اتهامه بالوقوف وراء الأزمة الراهنة ، لأنه أمضى أكثر من نصف عمره ينضد أسماء مسؤولين و شخصيات وقياديين بعثيين مشمولين بقانون المساءلة والعدالة ، وكل ما حصل عليه من امتياز بيع عشرين جريدة لشراء باكيت جكاير سومر أبو الجيس .
زملاء نعيم المعجبون بمشاكساته غير الإرادية كانوا يعتقدون بأنه صاحب سلطة رابعة خاصة به ، في نظام شمولي ، لم تتوفر له الظروف الموضوعية لتطويرها وتسخيرها ، لغياب حرية التعبير ، وفرض سلطة الرقيب ، ونصيحة لمن يريد مواجهة الإعلام المضاد هذه الأيام عليه أن يبحث عن نعيم للإفادة من خبراته السابقة، لدحر مخطط إقليمي يستهدف النظام الديمقراطي .
سلطة نعيم الرابعة
[post-views]
نشر في: 2 فبراير, 2013: 08:00 م