هي عودةٌ إلى الفكرة التي طرحتها منذ بضعة أيام، مقترحاً عقد مؤتمر وطني (لا يشبه المؤتمر أو الاجتماع أو اللقاء الذي ضاع بين أرجل كبار السياسيين المتنازعين على السلطة والمال) يشارك فيه إلى جانب قادة القوى السياسية خبراء وأخصائيون في مجالات مختلفة. والهدف أن يجري بحث معمّق لأزمتنا الراهنة من جوانبها المختلفة والتوصل إلى نتائج لا تحددها أو تؤطرها أو تؤثر فيها العوامل والمواقف السياسية العابرة.
هذا المؤتمر لابد أن يضع في رأس اهتماماته قضية الدستور وتعديلاته التي تخمّرت وتعتّقت بما يكفي لإخراجها من سراديب مجلس النواب المعتمة. أكثر مشكلاتنا (السياسية والمرتبطة بها) وأكبرها ترجع إلى الدستور، وعلاجها من علاج الدستور. هذا الدستور وُضع على عجل لغرض في نفوس عرّابيه، الأميركيين والبريطانيين، وفي نفوس سدنته من زعماء القوى السياسية الذين اعتقدوا أن سائر العراقيات لم ينجبن أبناء أكثر ذكاءً ومعرفة ووطنية منهم، فأباحوا لأنفسهم حق كتابة الدستور في صيغة ناقصة ومرتبكة وملغومة (رئيس الوزراء نوري المالكي اعترف علناً ذات مرة بأنهم زرعوا الدستور بالألغام بدلاً من أن يزرعوه بالحقوق).
بعض المتظاهرين في المحافظات الغربية رفعوا شعار إلغاء الدستور. هذا المطلب لا شرعية له لأن وراءه من يريد أن يعيدنا إلى عهد الدكتاتورية المتوحشة أو أن يقيم نظاماًَ طاليبانياً ظلامياً. دستورنا غير سليم وأحكامه ناقصة ومبادئه معوجة وهو منتج للمشاكل.. هذا صحيح تماما لكنه أفضل من دستور صدام ومن شريعة طاليبان.
المؤتمر المقترح يتعين أن يلحّ في التوصية بإعادة كتابة الدستور في أسرع وقت. لكن هذا المرة ينبغي إبعاد السياسيين بمسافة مئة كيلومتر عن الغرفة التي سيُكتب فيها الدستور الجديد. هذه الغرفة ينبغي أن يقتصر الوجود فيها على خبراء القانون، وبخاصة القانون الدستوري، والسياسة والاجتماع والاقتصاد من النساء والرجال سواء بسواء. يُكلفون بإعداد صيغة للدستور تُطرح على النقاش العام عبر وسائل الإعلام الجماهيري، بما فيها وسائط الإعلام الحديث. ثم تتولى هيئة الخبراء هذه تعديل الصيغة في ضوء الملاحظات الواردة عنها عبر النقاش العام. ثم تُرفع الصيغة إلى مجلس النواب لمناقشتها في إطار لجنة تُؤلف لهذا الغرض، وتُحدد تحديداً دقيقاً فترة معينة لعمل هذه اللجنة قبل طرح الصيغة على الاستفتاء العام.
من دون إعادة كتابة الدستور لنزع ألغامه ولإكمال نواقصه وسدّ ثغراته، لن نخرج من النفق الذي نحن فيه الآن، ولن نحلّ مشكلة واحدة من مشاكلنا، بل إنها ستتوالد على نحو مطّرد، كما هو حاصل فعلاً الآن.
كل عمل خارج هذا الإطار هو مضيعة للوقت وكذب على النفس وعلى الآخرين.. وفروا لأنفسكم الوقت وتجنبوا الكذب وعواقبه.
أخاطب السياسيين الذين في أيديهم الحل والربط.
جميع التعليقات 5
عبدالعزيز الونداوي
يشرفني أن أهديكم صفحة من موقعي الخاص بالدستور المقترح للعراق الجديد الذي وضعته عام 1997 ونشرته عام 1999 على الأنترنت وهذه الصفحة تخص بعض الأسئلة التي كانت تسأل عن كيفية الموافقة على الدستور. أؤيد أي خطوات تتخذ في سبيل وضع مسودة دستور جديد حتى لو كان بصيغة
عبدالعزيز الونداوي
موقع الدستور المقترح هو http://iraqconstitution.freeservers.com
سلام محمد علي
ياسيد عدنان هل تعتقد انه هكذا وبسهولة ان يقبل هؤلاء الممسكين بزمام السلطة بهكذا مؤتمر قد يأتي بما يكنسهم منها ويفقدوا امتيازاتهم والنعيم الذي يتنعمون به ومن رواتب خيالية وسفرات بين دول العالم وهم يعرفون تمام المعرفة بين انفسهم انهم لايستحقون كل هذا وهم مس
علاء البياتي
الاستاذ عدنان المحترم..مرة اخرى اقول لك بعد جهد حجيد عرف الماء بالماء مثل عربي معروف..ان السياسيين الذين في يدهم الحل والربط كما تقول ..ليس من مصلحتهم تعديل الدستور ...اقترح لك التالي والذي ان كان لدى السياسيين الذين تخاطبهم ذرة غيره وشرف على العراق لعملو
علي الموسوي
الجملة الأخيرة اعادت الثقة في السياسين.أن إعادة كتابة الدستور كما تراه لاتتم ابداً بدون حركة جماهيرية ضاغطة