اسمها (ي)... تلميذة في الخامس العلمي ... دلوعة والديها ... يبتسمان لابتسامتها ... ويفرحان لفرحها ... لكن الآن يبكيان من اجلها ! ... التلميذة المراهقة تركت بيت أهلها لأنها خشيت من العقاب ! وهكذا صور لها عقلها وتفكيرها والسؤال الآن ... متى تعود (ي) من
اسمها (ي)... تلميذة في الخامس العلمي ... دلوعة والديها ... يبتسمان لابتسامتها ... ويفرحان لفرحها ... لكن الآن يبكيان من اجلها ! ... التلميذة المراهقة تركت بيت أهلها لأنها خشيت من العقاب ! وهكذا صور لها عقلها وتفكيرها والسؤال الآن ... متى تعود (ي) من رحلة هروبها ؟ الجميع هناك في بيتها على استعداد لان يمسحوا من ذاكرتهم أسئلة كثيرة تبحث عن إجابة ... لكن بشرط أن ترجع وتملأ حياتهم بهجة وسعادة ! ولا تزال في القصة تفاصيل أخرى ! ... أب حزين ... دامع العينين ... هده التعب والمرض ... حاصره داخل زنزانة العذاب ! كل أسبوع يقوم برحلة مضنية ... يسلك طريقه متعرجا الى مديرية الشرطة ... يقابل الضباط ... يتردد على لسانه نفس السؤال : هل جاءكم شيء عن ابنتي الهاربة ؟... والإجابة دائما تكون بالنفي فيعود الرجل أدراجه محطما يرتمي في حضن الأحزان! هذه هي رحلة الاب كل اسبوع ... رحلة تبدأ بالأمل وتنتهي إلى سراب! أما الام فقد أقعدها المرض ... صوتها ينادي على اسم واحد وهو (ي) .. وكانت أذنها لا تسمع إلا خطوات ابنتها عندما كانت تعود من مدرستها ... فتتلقفها أحضان أمها ... تدللها بعض الوقت قبل أن تنصرف الى غرفتها لتستريح قبل موعد تناول طعام الغذاء عند عودة والدها من عمله حيث تجتمع الاسرة كلها حول مائدة الطعام ... وكأن الامر اصبح ذكرى حزينة ! بقيت فقط الذكريات وصورة (ي) بجوار الام فوق فراشها ... عندما تشعر بالألم تحتضنها تناديها أن تعود بأقصى سرعة ... لكن هيهات أن يسمع الغائب ... أن يدرك مقدار العذاب الذي تلاقيه أسرته في غيابه ! ولكن نبدأ الأحداث بهذا السؤال ... كيف غابت الجميلة (ي) عن البيت؟ كيف طاوعها قلبها؟ نعود إلى الوراء ... تحديدا صيف عام 2011 استيقظت التلميذة الجميلة من نومها مبكرة ... كانت على غير عادتها في هذا اليوم ... بدت قلقة ... صامتة ... ملامح وجهها تنطق بالخوف ... حتى وهي خائفة بدت جميلة ... ارتدت (ي) ملابسها والتقطت حقيبة يدها وخرجت من غرفتها ! كان في انتظارها الأب والأم وأشقاؤها ... يجلسون في غرفة المطبخ يتناولون إفطار الصباح ... انصرفت ببطء ناحية الباب ... تحاول أن ترسم ابتسامة فوق وجهها ... لكن ملامحها الحائرة ... الخائفة فضحتها! بادرها الأب بسؤال : أنت وين رايحة من الصبح؟ التفتت الصغيرة ناحية والدها وبابتسامة باهتة قالت له: اليوم تطلع نتائج الامتحانات ... رايحة للمدرسة اشوف النتيجة ... يوم نتيجة الامتحان يكرم المرء أو يهان ... عبارة داعب بها الأب ابنته ولم يقصد شيئا من ورائها ... لكن (ي) اختزلتها بداخلها ولم تنبس بكلمة واحدة ... انصرفت الى مدرستها والخوف يكاد يفجر قلبها من كثرة ضرباته المتلاحقة! لو تتوقف عقارب الزمن من هذه اللحظة ... لو يعود الى الوراء قليلا قبل ظهور النتائج ... لو أكون ناجحة واعبر هذا الخوف وأعود مسرعة الى بيت أهلي ازف إليهم هذا الخبر ! مشاعر كثيرة اختلطت في نفس (ي) لكنها عجزت عن هدايتها وعودتها إلى عقلها ... فقط تذكرت بعد كل هذا عبارة والدها ... تذكرت عقابه لو فشلت هذه السنة أيضا سوف يكون عقابه لها صارما! دلفت (ي) الى المدرسة بداخلها كان الازدحام شديدا ... وقفت بعض الوقت مترددة وكأنها تريد ان تنسحب وتأتي في يوم اخر تختاره بإرادتها ... لكن في هذا اليوم لا تراجع ! .. أسرعت تلتمس خطاها وسط زحام الاقدام تحاول ان تقرأ اسمها في قوائم الناجحين ... كانت تردد اسمها وهي تمر بعينيها على كل الاسماء ... لكن لم تلمحه! اعادت الكرة مرتين وثلاثة بلا جدوى ... لقد رسبت التلميذة الصغيرة في امتحان اخر السنة ... لم تبق لها إلا الدموع ... ولكن ماذا تفعل الآن ؟ لا ... لن أعود الى البيت ... ففي عودتي العقاب الذي هددني به أبي ! هكذا اتخذت التلميذة المراهقة القرار ... ربما كان هذا هو أصعب قرار اتخذته في حياتها ! ... عند الظهيرة كان كل أفراد الاسرة في انتظار عودتها تزف إليهم الخبر السعيد ... لكن الساعات تمر ثقيلة ولا خبر عن غياب (ي) بدأ الشك يتسلل الى صدر الاب والخوف يعشش في صدر الام ... يخاف الاب ان يبوح بشكوكه فتنهار القلوب وتخشى الام ان تصرخ بخوفها فتسقط هي اول الضحايا ... لكن لكل شيء نهاية ! عقارب الساعة تشير الى الساعة الثانية ظهرا ... الجميع صرخوا ... ليش تأخرت (ي) وين راحت ؟ وهب افراد الأسرة يبحثون عنها في كل مكان ... الأب وأولاده تفرقوا في كل الطرق ... في المدرسة ... في المستشفيات ... في مراكز الشرطة ... وصديقات الابنة الغائبة سألوا ... حتى الطب العدلي ذهبوا اليه ... فربما كانت هناك جثة مجهولة تبحث عمن يتعرف عليها ... لكن رحلة البحث كلها انتهت إلى لا شيء وعاد الجميع يحملون الفشل على وجوههم ! وبقي امل واحد واخيرا ! في صباح اليوم التالي ... اسرع الاب إلى مدرسة ابنته ويكتشف انها رسبت في الامتحان ... يسقط الاب على الارض مغشيا عليه ... لهذا السبب هربت ابنتي (ي) ؟! تسابقت دموعه فوق وجهه ... طاردته الأسئلة والظنون القاتلة ... تمالك نفسه وذهب إلى اقرب مركز شرطة وسجل إخبارا باختفاء ابنته التي تبلغ من العمر 17 سنة ولم ينس المسكين ان يترك عنوان بيته ورقم هاتفه ! والآن بعد ان مر عام على هروب (ي) ... هل تقطع هذه الرحلة الغامضة وتعود إلى أسرتها ... عندما يحدث هذا سينسى الجميع أين كانت تعيش ... فقط يفتحون معها صفحة جديدة ! .. هل يطول الانتظار؟