*لم اعرف بين من عملت في صحفهم من رجال الصحافة رجالا كالزميل لطفي بكر صدقي. الاديب الذي خسره الادب ولم تكسبه الصحافة، والانسان الذي خرج خالي الوفاض من الصحافة والسياسة على حد سواء! *فلقد وهب الزميل صدقي اسلوبا في النثر يرتفع به الى اجمل ما يتطلع اليه صاغة الشعر
وهو في وصفه وتصويره وتأثيره يفوق استاذه ابراهيم صالح شكر كثيرا ولا عبرة فيما حازه هذا الرجل من التفات وتقدير في الحياة والملمات،، فان مقولة (صانع الاستاذ.. استاذ ونصف) ان صحت في امر فهي قد صحت وثبتت واقعيا عند مقارنة هذا الاستاذ بتلميذه! *لقد برز الزميل صدقي في نثره البديع وقصصه الرائع الجميل ونقده اللاذع وفي بعض صوره بروزا ظاهرا، ولكنه لم يقنع به فطلب المزيد، ولكن ماكل ما يتمنى المرء يدركه ولئن لم يعمر (الوميض) الا بقدر ما يعبر عنه معناه اللفظي. فلقد افسح له المجال في (البلاد وفي (عطارد) وغيرها من الصحف والمجلات. *وقد دفعته رفقته لبعض المثقفين وعلى رأسهم المرحوم حسين الرحال نحو الادب واتجه الى وجهات فكرية اخرى لم يتسع لها اسلوبه الكتابي. بل ان اسلوبه لم يخلق للتعبير عن هذه الاراء فلم يحتفظ لنفسه باحد وجهي العملة فكان من ذلك صمته الذي هو في بعض الاحيان ابلغ من الكلام! *ولو لم تكن ملكات لطفي الادبية ارسخ من قدرته على الصحافة لاستطاعت حرفة البحث عن المتاعب ان تجهز على تلك الملكات، بل ان هذه الملكات هي التي حالت دون انجرافه فيما انخرطت فيه من اندفاعات وطنية خالصة قادته مع من ساهموا في اسناد ثورة مايس الوطنية فكابد ماكابد من غصص النفي والتشريد، وبعد فأنه لعزيز على الادب العراقي ان نبحث بين اثار ادبائه فلا تجد لمطبوعهم اثرا واحدا ومن بينهم الزميل لطفي بكر صدقي الفذ بين معاصريه!.. البراك
خسره الأدب ولم تكسبه الصحافة!!
نشر في: 25 أكتوبر, 2009: 05:26 م