يؤكد باحثون ومتخصصون بشؤون الأسرة في بابل أن ظاهرة العنف الأسري "أشد فتكا" بالأفراد والمجتمع من ظاهرة "الإرهاب"، إذ يبينون أن دراسة أنجزت أخيرا تظهر أن المرأة والطفل هما ضحايا العادات والتقاليد، والثقافة الذكورية السائدة التي تتفاعل مع الظروف الاجتما
يؤكد باحثون ومتخصصون بشؤون الأسرة في بابل أن ظاهرة العنف الأسري "أشد فتكا" بالأفراد والمجتمع من ظاهرة "الإرهاب"، إذ يبينون أن دراسة أنجزت أخيرا تظهر أن المرأة والطفل هما ضحايا العادات والتقاليد، والثقافة الذكورية السائدة التي تتفاعل مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة.
وتقول علياء الأنصاري المديرة التنفيذية لمنظمة (بنت الرافدين) في بابل، التي أجرت الدراسة في حديث إلى (المدى برس)، إن "نتائج الدراسة الاستطلاعية التي قامت بها المنظمة للنساء في محافظة بابل، التي شملت 2500 امرأة من شرائح متنوعة، (طالبات جامعة، طالبات إعدادية، ربات بيوت، نساء أرياف)، فضلا عن استطلاع آراء 500 رجل، أظهرت، أن 86% من مجموع النساء المستهدفات تعرضن إلى العنف، وان 52% منهن تعرضن إلى عنف كان مصدره الأهل، وان 47.95% تعرضن إلى عنف من قبل المجتمع، ثم الزوج بنسبة 82.6%، كما شكل العنف في العمل نسبة 78.6% من عينة الدراسة، في حين جاء العنف في المؤسسات التربوية والتعليمية بنسبة 76.7%".
وتضيف الأنصاري، إن "نتائج الدراسة، بينت أن طالبات الإعدادية كانت الشريحة الأكثر تعرضا للعنف، إذ تعرضت 440 طالبة من مجموع العينة 500 طالبة إلى العنف،أي بنسبة 88%، في حين جاءت بعدها المرأة الريفية، إذ تعرضت 436 امرأة من مجموع العينة إلى 87% في نسبة متساوية مع طالبات الجامعة، حيث تعرضت 455 طالبة جامعية من مجموع العينة،أي بنسبة 87%، وبعدها ربات البيوت، إذ تعرضت 432 امرأة من مجموع العينة بنسبة 86%، لتأتي المرأة الموظفة في المرتبة الخامسة، بعدد 407 نساء تعرضن إلى العنف،أي بنسبة 81%.
وتبين، رئيسة المنظمة، أن "التجربة، أثبتت، أن التثقيف والتوعية والتمكين لا يمكن أن يحقق أهدافه المرجوة من دون أن يكون هناك إطار قانوني يحمي المرأة، ويضمن لها حقوقها، ويكفل لها تحقيق المساواة في الفرص والحقوق، بينها وبين الرجل، لذلك كانت الحاجة إلى قراءة واقعية علمية رصينة لواقع العنف الذي تتعرض له المرأة في محافظة بابل".
وتأسست منظمة بنت الرافدين، في العام 2005، ونفذت العديد من البرامج الخاصة بتمكين المرأة، وتأهيلها لممارسة دورها القيادي في المجتمع.
من جهتها، تقول المحامية هبة سامر، في حديث إلى (المدى برس)، إن "العنف ضد المرأة هو نوع من أنواع للعنف الذي يحصل داخل الأسرة، والذي يشمل عنف الآباء والأمهات في ما بينهم، أو ضد أبنائهم، وغالبا ما يكون عنفا بدنيا ومعنويا، ويخلف آثارا عديدة"، لافتة إلى أن أبرز مظاهر العنف الأسري، سوء معاملة الوالدين للأبناء".
وتوضح سامر، أن "هناك أسبابا عديدة للعنف الأسري، منها الفقر الشديد والبطالة والحروب، والتسلط الأسري والحرمان والتخلف والجهل والتفكك الأسري، واضطراب العلاقة الزوجية، لذا نرى، نحن المحامين، أن أكثر الدعاوى التي تقدم للقضاء هي دعاوى العنف".
وعلى صعيد جهود وزارة الداخلية، ممثلة بأجهزتها التي تتولى تأمين الحماية للأفراد المعنفين، سواء من النساء، أو الأطفال، يؤكد مقدم الشرطة، فالح مهدي بدران، من مديرية حماية الأسرة والطفل، في حديث إلى (المدى برس)، أنه "يتم التنسيق مع الوزارات والأجهزة المعنية، ومنظمات المجتمع المدني، بغية الوصول إلى مجتمع آمن وخال قدر المستطاع من جريمة العنف الأسري".
ويضيف بدران أن مديريته تحاول من خلال عملها "المحافظة على النساء من أية اعتداءات تمتهن كرامتهن الإنسانية، ليكنّ قادرات على تربية جيل واع، فضلا عن العمل على حماية الأطفال من التعرض إلى الإيذاء بشتى أنواعه، ليتحملوا مسؤولية الوطن بثقة وأمان".
ويوضح بدران، أن "مديرية حماية الأسرة، تعدّ مديرية تخصصية بمستوى مديرية الشرطة تعنى بحماية الأسرة والطفل من العنف، وتعنى بالمشكلات الأسرية التي تحدث بين أفراد العائلة أو الأسرة الواحدة، كما تؤمن حماية الأسرة من العنف الخارجي ذي الطابع الأسري الصادر من الأقرباء من الفروع والأصول من درجات القرابة الأولى والثانية".
من ناحيتها، تقول الباحثة الاجتماعية، أحلام سعيد، في حديث إلى (المدى برس) إن "لثقافة المجتمع، والعادات والتقاليد السائدة، والظروف الاقتصادية السيئة، دورا كبيرا في إدامة ظاهرة العنف الأسري، إذ أن العادات والتقاليد، رسمت المجتمع بطابع ذكوري، وجعلت السيطرة للرجل، ما انعكس على المرأة والطفل".
وتلفت سعيد، إلى أن "من نتائج العنف الأسري على الفرد والأسرة والفرد والمجتمع، نشوء العقد النفسية التي قد تدفع الفرد إلى انتهاج النهج ذاته الذي مورس ضده، بحق الآخرين، فضلا عن تصدع الأسرة، وانفصام عراها وروابطها، وبالتالي تفككها، الذي يهدد كيان المجتمع بأسره".
وتقول سليمة عباس، (ربة بيت) في حديث إلى (المدى برس)، إن زوجها "يضربها ضربا مبرحا بشكل دائم، أمام أبنائها، لأسباب تافهة في أغلب الأحيان".
وتلفت عباس إلى أنها "تزوجت به رغما عن إرادتها، كونه كان صديق شقيقها الأكبر، وأن جميع المحاولات التي قامت بها لمنعه من ضربها باءت بالفشل، بسبب قناعة ذويها بأن للرجل الحق في معاملة زوجته بالطريقة التي يراها مناسبة، ولا يجوز للأهل الاعتراض على ذلك".
فيما أشارت مديحة كاظم، ربة بيت، في حديث إلى (المدى برس) إلى أن "زوجها يصر على تزويج ابنتهما البكر من رجل يكبرها بأكثر من 20 سنة، كونه ميسور الحال، وقد وعد الأب بوظيفة في شركته، وراتب شهري جيد"، مؤكدة أنها "تعارض فكرة هذا الزواج، كونه غير متكافئ، ويتم رغما عن إرادة البنت، وربما ينتهي بالطلاق، ما دام قد بني على أسس غير صحيحة".
وكانت (المدى برس) قد نشرت في (24 كانون الثاني الجاري) تقريرا عن قصة الطفل سجاد في مدينة الديوانية التي يبعد مركزها (180 كم جنوب بغداد) والذي تعرض إلى محاولة قتل من قبل والده وبدت عليه آثار حروق وكدمات في أجزاء من جسمه،وبحسب سجاد فان ما تعرض له من قبل والده جاء لإرضاء زوجته الثانية التي تزوجها بعد وفاة أم سجاد.
ويتزايد تسجيل مثل هذه الحالات في عموم العراق بصورة كبيرة، ويعزوها الباحثون للتغييرات الاجتماعية والاقتصادية وعدم التكافؤ الاجتماعي بين الزوجين إضافة إلى الزواج المبكر الذي ينعكس بشكل سلبي على الأولاد بالإضافة إلى مفاهيم خاطئة متجذرة في بعض المجتمعات، فيما يطالب مسؤولون وناشطون ورجال دين، بتسريع إقرار قانون العنف الأسري في مجلس النواب للحد من هذه الظواهر.










