يشتكي مواطنون ومسؤولون في بابل من إغراق أسواقهم والسوق العراقية بشكل عام بالسلع الرديئة، وفي حين يتهمون التجار باستيرادها لتحقيق الأرباح السريعة على حساب صحة المواطن وبيئته، يؤكدون أن فساد الموجود في العراق شجع الدول على إرسال نفاياته إليه، في حين يد
يشتكي مواطنون ومسؤولون في بابل من إغراق أسواقهم والسوق العراقية بشكل عام بالسلع الرديئة، وفي حين يتهمون التجار باستيرادها لتحقيق الأرباح السريعة على حساب صحة المواطن وبيئته، يؤكدون أن فساد الموجود في العراق شجع الدول على إرسال نفاياته إليه، في حين يدعوا اقتصاديون إلى تشديد إجراءات الرقابة وتفعيل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالجودة والمعايير.
التجار يستغلون حاجة المواطن
ويتهم المواطنون التجار بـ"تعمد" استيراد مواد رديئة لـ"تحقيق أرباح سريعة" على حساب المواطن، مطالبين باتخاذ "إجراءات مشددة" للحد من ظاهرة البضائع غير المطابقة للمواصفات المعتمدة في الأسواق المحلية.
وتقول المواطنة ام طه، في حديث إلى (المدى برس)، عند "الذهاب للسوق أضع في الحسبان ما استطيع دفعه من المال الذي يتناسب مع وضعي للحصول على البضاعة التي احتاجها"، مبينة أنها لا تهتم ما إذا كانت مفحوصة أو أصلية "لأن المهم عندي هو رخص ثمنها لأتمكن من تأمين متطلبات عائلتي المتزايدة".وتشتكي مواطنة عرفت نفسها باسم "ام حسين"، في حديث إلى (المدى برس)، من "طوفان السوق العراقية بالبضاعة الرديئة رخيصة الثمن سواء كانت كهربائية أم غذائية"، مشيرة إلى أن "تجارنا يتعمدون استيراد بضائع من مصادر سيئة ويتفقون على أن يكون عمرها قصير من أجل الربح السريع وإعادة البيع".
ويلفت المواطن علي كاظم جواد، في حديث إلى (المدى برس)، إلى أن "السوق العراقية بعامة وفي بابل بخاصة مليئة بسلع رديئة وتالفة وغير مطابقة للمواصفات"، لافتا إلى أن هنالك "ستة انواع لكل جهاز كهربائي مستورد من الصين كل واحد منها بسعر معين".
ويطالب جواد، الحكومة بأن "تضع تعليمات صارمة ضد المستوردين الذين لاهم لهم سوى الربح على حساب المواطن".
المنتجات منتهية الصلاحية
وبالنسبة لمواطنين آخرين فإن ليس وحدهم التجار من يتحمل المسؤولية عن إغراق الاسواق العراقية بـ"النفايات".
وتقول المواطنة ليلى حسين، في حديث إلى (المدى برس)، إن "أغلب دول العالم تصدر منتجاتها الرديئة أو منتهية الصلاحية إلى الدول التي ينتعش فيها الفساد ومنها العراق"، وتابعت "نسمع بين الحين والآخر بأن الحكومة ستقوم بوضع أجهزة لكشف البضائع الفاسدة من دون أن نلمس أثر ذلك على السوق المحلي".
وتتابع حسين، قائلة "المواطن البسيط أو الفقير يكون مضطرا لشراء هذه النفايات بسب رخص ثمنها وعدم وجود البديل الذي يناسب دخله في ظل تراجع المنتج الوطني إلى حد الاختفاء من الأسواق أو عدم القدرة على المنافسة".
ويؤيدها في ذلك المواطن علي عماد، الذي يؤكد في حديث إلى (المدى برس)، أن "القدرة الشرائية لدى غالبية المواطنين محدودة ومتطلبات الحياة كثيرة ومغرياتها أكثر مما يضطره إلى شراء البضائع الرخيصة التي غالباً ما تكون ذات نوعيات غير جيدة أو مخالفة للاشتراطات النوعية".
ويلفت علي عماد، إلى أن "الفساد الإداري الموجود في الحدود العراقية يسهم حتى الآن تمرير البضائع الرديئة إلى الأسواق المحلية في ظل وجود من لا يراعي ضميره ولا يتقي الله، من التجار الذي يروجونها سعياً وراء الربح السريع"، مشددا على ضرورة "قيام الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من هذه الظاهرة الخطيرة".
دعوة لمراقبة الأسواق
ويقول رئيس غرفة تجارة بابل، صادق الفيحان، في حديث إلى (المدى برس)، إن من الضروري "قيام الحكومة بمراقبة حركة السوق من حيث نوعية البضاعة وجودتها وتفعيل قانون حماية المستهلك"، مشيراً إلى أن هناك "بضائع تغزو الأسواق العراقية وتؤدي إلى خسائر فادحة للاقتصاد الوطني".
ويدعو فيحان، إلى "زيادة عدد مختبرات السيطرة النوعية للحد من دخول بضاعة منتهية الصلاحية أو رديئة المنشأ ومحاسبة التجار الذين يستوردون بضائع غير مستوفية للشروط القياسية".
تشديد إجراءات الفحص والتدقيق
من جهته، يطالب الخبير الاقتصادي عامر جابك، الجهات الحكومية إلى "الالتزام بالاتفاقيات الموقعة بين العراق والعديد من البلدان بشان تنظيم حركة تدفق البضائع من ناحية النوعية والجودة"، مبيناً أن تلك "الاتفاقيات تنص على عدم تداول المواد والسلع والبضائع إلا بعد خضوعها للفحص".
ويبين جابك أن مثل هذه "الخطوة تعتبر مهمة وتسهم في حماية المستهلك وتقلل من فرص السماح بدخول مواد غير مطابقة للمواصفات".
وتدعو، عضو مجلس محافظة بابل، ورئيسة هيئة المستشارين في المجلس، أميرة البكري، الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، إلى "توسيع مختبراته وانشاء مراكز جديدة لفحص البضائع، والسماح للقطاع الخاص بإنشاء مختبرات الفحص"، مؤكدة على ضرورة "عدم الاعتماد بشكل كامل على الشركات الأجنبية في هذا المجال".
وتلفت البكري إلى أن "العراق لم تدخله منذ سبعينيات القرن الماضي بضائع رديئة وغير مطابقة للمواصفات مثلما يحصل الآن"، مطالبة بـ"تشكيل مجلس حماية المستهلك ليمارس دوره في حماية المستهلك ومراقبة حركة السوق والبضائع غير الجيدة".
يذكر أن العراق شهد بعد سنة 2003، حالة من الانفتاح بلا قيود على العالم مما أدى إلى إغراق السوق المحلي ببضائع من شتى أنحاء العالم دون حسيب أو رقيب، فضلاً عن تراجع الإنتاج المحلي العام والخاص من جراء حالة الانفلات الأمني وشحة الطقة والوقود، ولم تفلح جهود الجهات الحكومية المعنية، حتى الآن، بما فيها التقييس والسيطرة النوعية ووزارتي البيئة والصحة في مواجهة طوفان البضائع الرديئة برغم الجهود المبذولة في هذا الشأن.