رغم تخصيص 260 مليار دينار من موازنة 2012 لديالى، إلا أن أغلب مسؤولي الوحدات الإدارية في هذه المحافظة، يؤكدون أن هذه الأرقام بمثابة حبر على ورق، إذ لم تشهد هذه المحافظة التي سبب لها العنف أذى كبيراً طيلة السنوات الماضية، إنجاز مشروع واحد يشار إليه، وب
رغم تخصيص 260 مليار دينار من موازنة 2012 لديالى، إلا أن أغلب مسؤولي الوحدات الإدارية في هذه المحافظة، يؤكدون أن هذه الأرقام بمثابة حبر على ورق، إذ لم تشهد هذه المحافظة التي سبب لها العنف أذى كبيراً طيلة السنوات الماضية، إنجاز مشروع واحد يشار إليه، وبينما تقول العديد من الأقضية والنواحي هناك إنها لم تتعرف بعد على حصتها من موازنة 2012، فإن البعض في ديالى يربط فشلها الذريع في تنفيذ خططها الخدمية بـ "موت واستقالة وتعيين المحافظ".
ويقول عبدالله الحيالي، قائممقام قضاء بعقوبة، وهي كبرى وحدات ديالى الإدارية من حيث السكان، في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "حجم موازنة القضاء للعام الماضي 2012 بلغت 120 مليار، وتم إعداد مشاريع خدمية توازي هذا المبلغ ومن ثم رفعها إلى مجلس ديالى"، موضحا أن "ما حصل أمر مخيب للآمال، فقد تم تغيير البعض منها وفقا لمبادئ المحسوبية والمناطقية وتحقيق أهداف انتخابية لبعض المسؤولين المتنفذين في مجلس المحافظة".
وأضاف الحيالي "لم ننفق ديناراً واحداً في الملف الخدمي خلال العام الماضي 2012 بسبب التلكؤ في إحالة المشاريع"، محملاً إدارة المحافظة "مسؤولية هذا الفشل".
وتابع الحيالي "نشعر بالحرج من الأهالي عندما يسألوننا أين ذهبت الميزانية الكبيرة التي خصصت لبعقوبة؟"، موضحا "نحن لا نملك الإجابة".
وأقر الحيالي بـ "وجود خلل كبير تتحمله إدارة المحافظة في ما يحصل"، مبينا أن "هناك عجزاً حقيقياً في إنفاق الموازنة ما يجعلنا في مواقف صعبة أمام الرأي العام".
من جهته، قال رئيس المجلس البلدي لقضاء خانقين سمير محمد نور، "لم نبن طابوقة واحدة خلال 2012 في أي مشروع خدمي على مستوى القضاء، رغم أن حصتنا من ميزانية ديالى تزيد على 28 مليار دينار".
وأضاف نور، "قدمنا مشاريعنا إلى الحكومة المحلية، ولم نعرف أين ذهبت، وما الذي حصل في ميزانية قضاء خانقين، لكن ما نعرفه تماماً أن عام 2012 مر دون أي بناء".
أما قائممقام قضاء المقدادية، زيد إبراهيم، وهو مسؤول ثاني أكبر وحدة إدارية في ديالى من ناحية الحجم السكاني، فيؤكد أنه "لا يعرف ما هي ميزانية القضاء للعام الماضي 2012".
ويقول إبراهيم إن "ميزانية ديالى شهدت ارتفاعاً وانخفاضاً خلال العام الماضي وفق المعطيات التي عرفناها في ما بعد من قبل المسؤولين الحكوميين في إدارة ديالى"، مؤكدا أن "موازنة قضاء المقدادية غير معروفة بشكل دقيق، لكننا نعرف أنه لم تتم المباشرة أو إحالة أي مشروع خدمي داخل القضاء العام الماضي، رغم أننا قدمنا مشاريع خدمية بكلفة مادية بلغت نحو 35 مليار دينار".
من جانبه، كان قائممقام قضاء الخالص، عدي الخدران، أكثر وضوحاً في الحديث عن مشكلة القضاء مع الموازنة السنوية. وقال في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "قائممقامية الخالص لم تعرف على وجه الدقة استحقاقها المالي في موازنة ديالى منذ عام 2008 وحتى يومنا هذا"، موضحا أن "كل ما يقال في هذا المضمار من قبل المسؤولين حبر على ورق رغم مطالباتنا المتكررة بان يكون لنا دور في مجال البناء والإعمار".
وأكد الخدران أن "هناك سياسة تهميش متعمدة تتبعها إدارة المحافظة ضد القضاء، فيما يجري التعامل مع المشاريع في عموم مناطق المحافظة وفق إطار المناطقية".
وبين قائممقام قضاء الخالص أن من "أهم بنود ميزانية ديالى السنوية أن يجري توزيعها وفق مبدأ الكثافة السكانية، وهذا ما لم يحدث"، موضحاً أن "ما يحدث هو تجاهل الكثير من الأطر القانونية من قبل إدارة ومجلس ديالى".
ولفت الخدران إلى أن "القضاء لم ير أي مشروع خدمي خلال عام 2012، وهو ما زاد من تعقيد الملف الخدمي داخل القضاء بشكل عام"، محملا إدارة المحافظة "مسؤولية ما وقع من ضرر بالغ للأقضية بسبب سوء الإدارة الحكومية بديالى".
قائممقام قضاء بلدروز محمد معروف، يقول إن "قائممقامية القضاء لا تعاني مشاكل حقيقية مع ملف الموازنة السنوية، فقد قدمت العام الماضي مشاريع بكلفة 22 مليار دينار تمت إحالة بعضها للتنفيذ والبعض الآخر في طور الإحالة".
وأضاف معروف أن "مشكلتنا الحقيقية، متمثلة بالإشراف والرقابة على إنجاز المشاريع لأن صلاحياتنا محدودة في هذا الجانب"، مطالباً بـ "الحصول على هذه الصلاحيات من أجل التأكد من إنجاز المشاريع وفق الإطار الفني المطلوب".
من جهته، قال مستشار محافظ ديالى لشؤون الإعمار والخدمات راسم العكيدي إن "الأحداث التي مرت بها ديالى خلال العام الماضي، ولا سيما استقالة محافظها السابق عبد الناصر المهداوي وتعيين هشام الحيالي محافظا جديدا ثم وفاته بعد أشهر معدودة بحادث سير ثم تنصيب عمر الحميري محافظا جديدا، أسهمت بمجملها في تأخير البت بالموازنة". وأضاف العكيدي أن "ميزانية ديالى للعام الماضي بلغت 260مليار دينار جرى إقرارها في وقت متأخر من قبل مجلس المحافظة"، مؤكدا أن"الإدارة المحلية نجحت في إنجاز 75% منها عن طريق إحالة المشاريع والتعاقد مع شركات محلية متخصصة في قطاعات حيوية عدة".
وأقر العكيدي بأن هناك خروقات حصلت في مضامين المشاريع المقدمة من قبل الوحدات الإدارية ولم يطبق مبدأ الكثافة السكانية في توزيع المبالغ المالية عليها نتيجة ما اسماها بـ "تصرفات بعض أعضاء مجلس ديالى وسعيهم إلى تغيير بعض المشاريع لتحقيق مبدأ المنفعة المناطقية أو الانتخابية"، موضحا أن "هذه الأمور أسهمت في إحداث توزيع جائر لبعض الوحدات على حساب وحدات أخرى".
ويقول الخبير الاقتصادي أحمد الربيعي إن "موازنات ديالى المالية لجميع السنوات الماضية عبارة عن أحجية صعبة حاولنا مرارا فك طلاسمها دون جدوى"، مشيرا إلى أن "جداول المليارات وكثرة أصفارها وتباين المعلومات دفعتنا إلى اليأس من محاولة بيان حجم ميزانية ديالى ولو لعام واحد".
وأضاف الربيعي أن "كل شيء في ديالى يمكن معرفته بسهولة حتى جانبها الأمني إلا بيت المال فهو صعب جدا ولا يمكن معرفة شيء عنه وخباياه كثيرة".
في غضون ذلك، كشف عضو في مجلس محافظة ديالى بأن الحسابات الختامية لميزانية المحافظة للسنوات الثلاثة الماضية غير معروفة، مؤكدا أن الأمر يثير القلق ويضع علامات استفهام عديدة.
وقال عضو مجلس ديالى عدنان الكرخي إن "الحسابات الختامية لموازنة محافظة ديالى للسنوات الثلاثة الماضية (2010-2012)غير معروفة لمجلس ديالى باعتباره جهة تشريعية ورقابية مسوؤلة أمام الشعب عن آليات صرف المال العام"، مبينا أن "عدم وجود حسابات ختامية أمر يثير القلق ويضع علامات استفهام تضر بالصالح العام".
وانتقد عضو مجلس ديالى مسؤولي إدارة المحافظة "بسبب عدم وجود تنسيق حقيقي بينها وبين لجان المجلس المعنية بالأعمار والبناء ما أسهم في تلكؤ الكثير من المشاريع الخدمية ودفع الأهالي إلى اتهامنا بالمسؤولية عما يحصل رغم أن سبب ما يحصل يقع بشكل مباشر على عاتق الحكومة المحلية".