حفل بريدي الألكتروني ببعض الهوامش على ما سبق أن كتبته عن شخصية العقوبة، وشبه بعضهم إعتقال الأبرياء أو سجنهم – سيما النساء -- او محاولات تعذيبهم لإكراههم على الإدلاء بمعلومات عن ذويهم المشتبه بهم والهاربين من وجه العدالة، بما جرى في عهد (قراقوش) وأحكامه الجائرة، والتي صارت أمثالا تضرب كلما تعسف أحدهم بإستعمال الحق، وأصدرأحكاما جائرة بإسم الحقوق والعدالة وتطبيق القانون.
لنقر، او نتفق، بأننا لسنا وحدنا من خرق مبدأ شخصية العقوبة، فقد حفلت صفحات التاريخ، قديما وحديثا، عبر أقطار الشرق والغرب بحكايا وانتهكات للمبدأ الإنساني، يشيب لها الولدان.
المفارقة الملفتة للنظر، إن معظم الهوامش أشارت إلى أحكام قراقوش، وكيفية أخذ البرئ بجريرة المذنب لمجرد الإدعاء بتطبيق القانون ونشر العدالة.
بحثت عبر قنوات المعرفة، للتزود بالمزيد من القصص عما أطلق عليه، أحكام قراقوش، فوجدت بعضهم يصفه بالغباء وسوء الفهم، والبعض ينصفه ويدفع عنه التهم والنعوت التي أُطلقت عليه وعلى أحكامه ظلما وعدوانا، بسبب التسقيط و الأحقاد والضغائن التي كانت سائدة ذاك الزمان – زمن الفاطميين -وإن (قراقوش) رجل فهيم فاضل، شجاع، أمين، مخلص لولي نعمته (صلاح الدين الأيوبي) الذي مكنه من الحكم وإعتمد عليه لإستقامته وحزمه...إلخ ,إن ما نسب إليه من أحكام جائرة لا يكاد يصدقها العقل، كانت بفعل فاعل، حسداً وغيظاً، والذي تجشم عناء تأليف كتاب أطلق عليه (الفاشوش في أحكام قراقوش).
فمن أحكام قراقوش -مثلا -إن احدهم فقأ عين زميله في مشاجرة، فسيق للمحاكمة، ومثل بين يدي قراقوش ليطبق بحقة مبدأ العين بالعين والسن بالسن. قال: يا سيدي، أنا ناسخ كتب، أطوي الليل بالنهار لأنجز كتابا يستفيد منه شعبكم العظيم، وأحتاج لعينين سليمتين لأضطلع بالمهمة على خير وجه، ولكن –يا سيدي المعظم – إن لي جارا يحترف صيد الطيور ببندقية، وهو حين يصوب يغمض إحدى عينيه ويكتفي بواحدة ليحسن التصويب، إي إنه لا يحتاج لعينه الأخرى لتدبير معاشه، فلو أمر جنابكم، ان تفقأعينه التي لا يحتاجها بديلا عن عيني التي انا بأمس الحاجة إليها!! أمر قراقوش حراسه، ليقبضوا على الصياد ويفقأوا له عينه التي لا يحتاجها!!
ومن الحكايا، ما روي عن رجل إعتلى سياج أحد اليوت ليسرق، فأنهار به السياج وتسبب بكسر ساقه فأقام دعوى أمام قراقوش الذي إستدعى صاحب الدار ,ووبخه وزجره، لأنه لم يُحسن بناء الجدار، حكم عليه بكسر ساقه، جزاءً نكالا على إهماله وسوء تدبيره.
ما أكثر العبر؟ وما أقل الإعتبار؟!