TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إلى الخضراء لا إلى الأنبار

إلى الخضراء لا إلى الأنبار

نشر في: 8 فبراير, 2013: 08:00 م

خاطبتكم يا شيوخ عشائر الجنوب في العمود السابق، دون أن أخفي ألمي لما جوبهتم به من استقبال لا يليق بكم. كان جل قصدي أني تمنيت أن لا تضعوا أنفسكم في مكان جركم إليه السياسيون، فلاقيتم ما لا يرضيكم. ومثلما كنا نقصد دواوينكم في أيام شبابنا لنتزود من "حسجتكم" العميقة أود أن أتحدث معكم مرة أخرى، فمعكم تحلو السوالف، أيها الأجاويد.

أنتم ذهبتم لأهالي الغربية باسم أهالي الجنوب. الجنوب، الذي أنتم شيوخ عشائره، هو من اشد مناطق العراق بؤسا وفقرا، بحسب إحصائيات الحكومة العراقية لا غيرها.  فالسماوة، مثلا، نسبة الفقر فيها أكثر من 49%، بينما لا تتعدى نسبة الفقر بالأنبار أكثر من 21%. لقد كتبت سابقا عن حال أهل السماوة ، مستندا إلى تقارير حكومية وتحقيقات صحفية بالصورة والصوت تظهر جمعا من نسائها ورجالها تبحث بالمزابل عن لقمة. هؤلاء الذين صاروا يسمونهم "نبّاشة" في عراق الميزانيات المليارية. فوا أسفي.

ماذا يقول أحدكم، أيها الأفاضل، لو أن ابنته أتته شاكية من زوجها الذي ترك أطفاله عرايا بلا لقمة خبز، وذهب ليحل مشاكل جاره الذي هو أغنى منه معيشة؟ كنت أتمنى عليكم أن تذهبوا لأهل السماوة وتلتقطوا صورا لحال أهلها خاصة "النبّاشة" ثم اذهبوا للمنطقة الخضراء، إن سمحوا لكم بدخولها، والتقطوا صورا لحالة الترف التي يعيش بها رئيس الحكومة وحزبه ومقربوه وأبناؤه وأحفاده وأبناؤهم وزوجاتهم. ضعوا الصورتين أمامه واطلبوا جوابا من ضميره حول ما يرى.

لا ألومكم لعلمي أن خوفكم من اندلاع الحرب الأهلية جعلكم تدوسون على همومكم، فحملتم أرواحكم على أكفكم خوفا من سفك الدماء وذهبتم لأهل الأنبار. لكن هل تدرون إلى أين ذهب المالكي؟ ذهب للقاهرة ومعه اكبر وفد، من ناحية العدد، للمشاركة في القمة الإسلامية. أخذ معه ثلاثة وزراء وجمعا من المقربين والأصدقاء يقال إنه فاق الأربعين يجولون في أسواق مصر تتقدمهم حنان الفتلاوي. وما الذي حققه ،غير أنه تحفظ على قرار يدين جرائم البعثيين في سوريا، بينما  ترك وراءه العراق على شفا بحر من الدم؟

لم يحضر الرئيس التونسي لأن سياسيا واحدا قد اغتيل في بلاده. ولم يحضر الرئيس اليمني لوجود اضطرابات في اليمن. أما صاحبنا فسافر مسرعا تاركا كل العراق من خلفه مهددا بالاغتيال، وحشر نفسه في مهمة ليست له بل لرئاسة الجمهورية، ليضرب لنا "أروع" مثل في اللامبالاة وحب الكشخة.

فإن كنتم كما نعرفكم تشاركون الله موقفه في جعل دم الإنسان أكرم من بيته، فمن ذا الحاكم الذي يستحق أن تسفك دماء العراقيين من أجل بقائه في كرسي السلطة؟  وهل يستحق من أذاق أهاليكم ذل الفقر وضنك العيش، حتى امتلأت شوارع مدنكم بالشحاذين وجحافل العاطلين عن العمل، أن تسعوا لإنقاذه وتعرضوا أنفسكم لما أنتم أرفع وأسمى منه؟

اذهبوا إلى الخضراء وليس للأنبار، وقولوا له برأس مرتفع: ارحل، فدماء العراقيين أغلى منك. أفهموه أنكم أنتم من سوّاه حكومة لكنه سلمها بيد السرّاق والمفسدين، وأنكم أحفاد من هوّس بوجه الذي سبقه:

يمنادي الشعب لباك من ناديت

ذبحت اهل الفرات اعليك ما بكيت

سويتك حكومه وسلميتك بيت:

شلون اتسلم البيت لمطره ومطره تصاوغ بيه؟

صيحوا من وسط الجنوب: ارحل، وسوف لا يستقبلكم أهل الأنبار بالاحترام، فقط، بل وسينحني لكم العالم إجلالا، لأنكم دستم على الطائفية بأقدامكم من أجل الحفاظ على وحدة العراق وإنقاذ دماء أهله من أن تسفك سدى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. محمد العزاوي

    استاذي العزيز كنت دائما اتوقع كتاباتك اسمى من ذلك فشيوخ العشائر اللذين تتكلم عنهم هم نفسهم من حملوا عكلهم ورقصوا لصدام ولابد وان سمعت وتسلية بهوساتهم وكيف كانوا يتدافعون لاابراز مقدراتهم الشعرية امام الطاغية ويجب ان تعرف هذا ليس فقط عند عشائر الجنوب فعشائ

  2. جاسم الاسدي

    هاشم العقابي من يبيع نفسه بثمن بخس لايصلح ان يكون ناصحا وموجها راجع نفسك انت اولا ومن ثم انصح الاخر

  3. كاطع جواد

    نعم يا استاذ محمد أضم رأي لكم في وصف هؤلاء الشيوخ فأرى ان سبب بلاء العراق هو هؤلاء الشيوخ المتخلفين الذين لا هم لهم سوى ملئ جيوبهم من هذا الحاكم او ذاك فدور شيوخ العراق لا يبدو وطنيا كما كان في ثورة العشرين فقد مسخ اغلبهم من قبل صدام وتحولوا الى طبالين

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram