منذ كنت طالباً في الثاني المتوسط أسرتني لوحة "الحرية تقود الشعب" للفنان الفرنسي الشهير يوجين دولاكروا. هي لوحة تنبض بالحياة والحيوية والإثارة.. وقد توافق موضوعها وألوانها في ذلك الوقت البعيد مع مزاجي الثوري الذي احتفظ به حتى الآن.
لم أر اللوحة أو نسخة منها في ذلك الوقت في مدرستي (متوسطة المدحتية) أو في معرض للفنون في مركز لواء الحلة (محافظة بابل الآن)، بل في مجلة "الهلال" المصرية التي كنت للتو قد تعرفت عليها وواظبت على اقتنائها وقراءتها. وإن لم تخني الذاكرة فان اللوحة كانت منشورة ضمن مقالة لبدر الدين ابو غازي الذي يعود له الفضل في فتح نافذة الفن التشكيلي وتذوقه أمامي عبر مقاله الشهري المميز عن الفنون التشكيلية عبر العصور في المجلة الرائدة التي كانت يومذاك تعيش عصرها الذهبي. لكنني منذ خمس عشرة سنة وقفت أمام اللوحة وجهاً لوجه في متحف اللوفر عندما كنت في ثاني زيارة لي إلى باريس. ولاحقاً تمتعت ثانية بمواجهتها في إحدى قاعات الأكاديمية البريطانية في لندن حيث كانت معروضة في معرض للفن الفرنسي. وفي كل مرة كنت ازداد حباً لها وانبهاراً بها وبمبدعها.
أمس تسببت لي هذه اللوحة الرائعة بحزن وغمّ عندما قرأت خبراً بثته وكالة رويترز عن إقدام فتاة على شخبطة جزء منها بالحبر الأسود يوم الخميس الماضي أثناء ما كانت معروضة في فرع متحف اللوفر في مدينة لنس الفرنسية.
المتحف الفرع الذي افتتح منذ شهرين فقط استعار اللوحة من المتحف الأم لتكون درة افتتاحه الرسمي.
الخبر السعيد تركته الوكالة إلى ذيل خبرها، فهي نقلت عن مسؤول في لوفر لنس المتحف قوله إن فحصا أولياً أفاد بأن الضرر الذي لحق باللوحة سطحي وإن اللوحة الشهيرة التي رسمها دولاكروا في العام 1830 يمكن إصلاحها بسهولة.
حادث لوحة دولاكروا ذكّرني بحال كنوزنا الفنية التي يعتصر قلبي ألماً عليها كلما دخلت مبنى وزارة الثقافة، ففي الممر الى الداخلي المؤدي الى المبنى الرئيس يلوح لي كدس من اللوحات المتكأكئة على بعضها البعض.. بالتأكيد يتكوم هناك جواد سليم على شاكر حسن السعيد على فائق حسن على حافظ الدروبي على ليلى العطار وسعاد العطار على خالد الرحال على طالب مكي على فيصل لعيبي على صلاح جياد على علاء بشير على جبر علوان على ضياء العزاوي وسواهم من الكوكبة الجميلة من صناع الجمال.
هل من قلب يتفطر على هذا الكنز المهدد بالخطر؟
من ديلاكروا إلى وزارة ثقافتنا
[post-views]
نشر في: 8 فبراير, 2013: 08:00 م
جميع التعليقات 3
حسين حسن العبيدي
الاستاذ عدنان حسين المحترم اول شئ احب ان اهنئك على انتخابك من قبل زملائك الصحفين الوطنين نقيبا لهم واتمنى لكم ولجميع زملائك النجاح من اجل الخير لهذا الوطن اما الشيئ الثاني مع احترامي العالي لكل الفنانين ولمبدعن الكبار ان العراق كله في خطر مذو العهد الساب
سلام محمد علي
ياسيدي اذا كان وزير الثقافة اما امام جامع او عسكري اسلامي ملتحي وبقية الجوقة من اصحاب العمائم والمحابس واللحى القذرة فكيف تريد من هؤلاء ان يتذوقوا ويقدروا الفن والفنانين ونتاجاتهم وابداعاتهم ..... انا اقول انهم يبدعون في نشر الخرافات والجهل ويلهون الناس ب
tadamun al_sudani
او قود لاتعثر عليها استاذ عدنان...هناك المئات من اللوحات التي تعاني الاهمال او السرقة، فلوحة بعمر يتجاوز المئة عام لاحد رواد الفن تتنظر من يصونها خاصة وان هناك من اوفد الى ايطاليا فقط ليتعلم صيانة اللوحات فكانت النتيجة انهم شبعوا ايفاد ونسوا الصيانة.ولوحة