TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أما شعرتم بالإهانة؟

أما شعرتم بالإهانة؟

نشر في: 9 فبراير, 2013: 08:00 م

افترض أن رئيس الوزراء قد شعر بالإهانة الشخصية والسياسية وهو يسمع الاخبار المتتالية خلال الايام الماضية عن تشكيل ميليشيات مسلحة، بعد سنوات عدة من اعلان رئيس الوزراء نفسه انه قد قضى على الميليشيات وأقام دولة القانون، وسجل ذلك في رصيد انجازاته ومفاخره.

وافترض ان كل عضو في حكومة رئيس الوزراء وكل مسؤول في الدولة قد اعتراه شعور مماثل بالاهانة.

رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة وسائر مسؤولي الدولة مكلفون من الشعب بموجب الدستور بإدارة الدولة التي من واجباتها توفير الأمن وتقديم الخدمات للناس. وإنشاء ميليشيات مسلحة، أيا كانت طبيعتها ومرامي تشكيلها، مع وجود جيش وطني وشرطة وطنية، تجاوز على الدولة وقوانينها وعلى المجتمع ونواميسه، وعلى الكرامة الشخصية والوطنية للقائمين على الدولة والمجتمع، وأولهم رئيس الوزراء والوزراء.

افترض أيضاً أن رئيس الوزراء وأعضاء حكومته وسائر مسؤولي الدولة قد اجتاحهم الشعور بالاهانة الشخصية والسياسية نفسه وهم يتابعون أمس الانباء عن تعرض معسكر "ليبرتي"، حيث يقيم  في ما يشبه الحجز والاعتقال مئات من أعضاء منظمة "مجاهدين خلق" الإيرانية المعارضة وعائلاتهم، الى قصف بالصواريخ أودى بحياة عدد منهم وإصابة العشرات بجروح. ومهما كان الموقف من هذا المنظمة فأن قيام جهة مجهولة (لا يستبعد أن تكون إحدى الميليشيات أو مجموعة تعمل لصالح إيران) بالاعتداء المسلح على مخيم للمنظمة تحت سيطرة وإشراف الدولة العراقية، هو أيضاً تجاوز سافر على الدولة وسلطتها وسيادتها وهيبتها وعلى الكرامة الشخصية والسياسية للمسؤولين المناط بهم أمر إدارة الدولة.

لكن السؤال الكبير: كيف تأتى لهؤلاء أن يتحدّوا الدولة وهيئاتها ومسؤوليها بهذا الشكل السافر؟

ما كان سيحدث هذا، بطبيعة الحال، لو كانت الدولة والحكومة محترمتين ومهابتين لدى الذين أعلنوا عن تشكيل ميليشيات أو قصفوا بالصواريخ  المحبوسين في "ليبرتي".

وعدم الاحترام  وفقدان الهيبة متأتيان من الحال البائسة للطبقة السياسية المتنفذة في الدولة، ومن الفشل الذريع الذي انتهت إليه العملية السياسية برمتها. فالطبقة السياسية لا تحظى بالاحترام بسبب انصرافها إلى صراعاتها وانشغالها بمطامعها، وهي لا تريد أن تدرك ان سمعتها صارت في الحضيض. والعملية السياسية محشورة في نفق مغلق تماماً بالخرسانة المسلحة والحجر الصوان، ولا يريد القائمون عليها التخلي عنها، لسبب واحد هو أنهم لا يريدون خسارة امتيازاتهم ومنافعهم المترتبة على هذا الانحشار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. كاطع جواد

    موضوع مجاهدي خلق يؤرق الحكومة العراقية ويضعها بموقف محرج امام الجارة العزيزة ايران وبعد إبعادهم عن الحدود الإيرانية من قبل الامم المتحدة لم يهدأ بال الجارة العزيزة الىا بقتلهم وتصفيتهم حتى وان كانوا منزوعي السلاح .. أوعزت جارتنا لعملائها بالتخلص من هؤلاء

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram