كما ليس هناك عرس من دون عريس، ولا حفلة زفاف من دون "هلاهل" تطلق من أفواه النسوة، فأن مجلس نوابنا الموقر أثبت لنا مرة أخرى انه يمكن ان نطلق عليه أي صفة سوى الصفة الوحيدة التي لا يتمتع بها، واعني بها قبة الشعب التي تدار داخلها شؤون المواطنين وهمومهم.. ففي مشهد مثير للضحك والسخرية شاهدنا كيف علت أصوات الهلاهل عندما أعلن رئيس البرلمان عن عدم اكتمال النصاب لإقالة وزير الشباب، والغريب ان المشهد الكوميدي لم ينته بفقرة الهلاهل وإنما شاهدنا كيف قدم لنا النائب عباس البياتي فاصلا "هزلياً" وهو ينهض ليلوّح بعلامة النصر ويرد على تحايا وتبريكات النواب بهذا النصر المؤزر والذي جنب العراق والعراقيين فاجعة كبيرة لو – لاسمح الله– استطاع النواب إقالة وزير الشباب.
لا تدرك صاحبات الهلاهل ومعهن العريس عباس البياتي انه ليس هناك نظام سياسي عادل دون ساسة يؤمنون بان الديمقراطية لا تعني التستر على الفساد، وان بناء البلدان لا يندرج تحت شعار "انصر أخاك ظالما أو مظلوما"، وان الديمقراطية ليست أهازيج وهلاهل تسود قاعة البرلمان، لان البعض فشل في إقالة وزير او استجواب مسؤول كبير، ليس هناك ديمقراطية من دون أناس يؤمنون بالتداول السلمي للمنصب، وبان الوظيفة الحكومية مسؤولية وليست تكليفا شرعيا لا يجوز الاعتراض على صاحبها، ليست الديمقراطية في فرض رأي الأكثرية، وإنما في احترام آراء الأقلية، هكذا تعلمنا دروس الشعوب الحية. كان هلمت كول موحد المانيا يملك الأكثرية، ولكن عندما وجد ان الناس لم تعد تريده، مضى دون ان يقول لمعارضيه بأنهم خونة وعصابات وينفذون أجندات خارجية، حمل حقيبته ومشى ليترك الكرسي لغريمه شرودر.. القوة والمكانة ليست لصاحب الصوت العالي، وإنما للذي يؤمن بأن المسؤولية الحقة هي إشاعة روح العدل والإنصاف وتوسيع آفاق الناس.
بعد هلاهل نائباتنا المبجلات والمشهد الكوميدي للنائب عباس البياتي فقد بات علينا جميعا ان نؤمن بوضوح شديد، أن لا إصلاحات ديمقراطية ولا برلمانا قويا وجادا طالما بقيت الهلاهل هي التي تخيم على المشهد السياسي.
ودعونا نتساءل؛ هل العيب في المواطن الذي انتخب أصحاب هذه المشاهد الكوميدية ام في النواب أنفسهم، وأريد ان أسأل، هل نحن المواطنون العزل (ضد هؤلاء السادة النواب) بالتأكيد لا، نحن نحلم بنواب يتحسسون نبض الناس.. نتمنى ان تعلو مهمة النائب فوق كل الأكتاف والقامات وتلوح في سماء الوطن كأنها (البدر) ولكن ماذا نفعل والسادة النواب مصابون بمرض الخوف من الناس. إن أحداً لا يتذكر من هم النواب الذين خسروا مقاعدهم، ومن هم الذين احتلوا مقاعد جديدة.ومن الأمور المزعجة إن الأعوام الماضية لم تشهد حالة ود بين الناس ومجلس النواب، ولعل السبب يعرفه السادة أعضاء مجلس النواب السابق حين أصروا على الإسراع في إصدار تشريعات تضمن لهم حياة مرفهة براتب تقاعدي مجز في حين لم يتحرك لهم ساكن وهم يطلعون على تقارير لمراكز استطلاع دولية تؤكد أن ما يقارب ثلاثين بالمئة من العراقيين يعيشون تحت خط الفقر. الناس تطمح للتغيير، والتغيير الذي نريده، يجب أن يبدأ من مجلس النواب في أن يصوغ لنا مشروعاً يلتف حوله الناس ويشعرون بأنه لصالحهم. التغيير الذي نريده، يجب أن يمس حياة الناس ويرفع مستوياتهم المعيشية، ويخفف كل المشاكل والأزمات الحياتية، تغيير حقيقي وجذري وملموس ويدخل كل بيت.تغيير يجسد العدالة في توزيع الثروة، فلا «ينفجر» الأثرياء من التخمة، ولا (يذبل) الفقراء من الاحتياج.
ولأننا في أسبوع المشاهد الكوميدية، فقد جاءتنا الكوميديا من مصدر آخر، هذه المرة من الرئيس الذي أعلن في تصريح لرئيس تحرير صحيفة الشرق الاوسط من انه يتمنى ان يتقاعد الآن.
ولن أسمي هذا التصريح جزءا من الكوميديا وسأعتبره فقرة لطيفة في برنامج ترفيهي سياسي نتابعه ونحن بلا حول ولا قوة.
جميع التعليقات 8
فاروق الشمري
نعم ياسيدي العيب في المواطن الذي انتخب هذه الشكولات...لا تتعجب ياسيدي منهؤلاء فاخيرهم كان يركض وراء القروية التي تأتي لزيارةالائمه وهو يقول لها .. اكو عندج نذر وتنهره هي ويبقي يلاحقها الى ان تنقطع انفاسه فيرجع خائبا لكررها مع اخرى....واذا فجأة يجد ن
علي رحماني
صدقني ايها الطيب الكاتب الرائع ان عمودك هذا هو اهم عمود وياليت يقرأون او ربما يقرأون فيضحكون علينا اسه العزيز بارك الله فيك وبصدقك وحرصك وحبك لهذا الوطن الجريح وجرأتك التي اخاف عليها من هؤلاءالمتخلفين واذنابهم ومليشلياتهم سيدي ...انك تكتب ونحن نبكي وهم يض
كاطع جواد
النائبات المحترمات واللاتي يتوشحن السواد دون مناسبة حزينة قد المت بهن لاسامح الله وعندما ننظر الى إحداهن نرى انها لا تصلح ان تكون ممثلة للشعب بل اقل ما يقال عنها انها مللة قد أنهت لتوها فصلا من مجلس عزاء ..اما موضوع الهلاهل الذي تطرقت اليه سيدي الكريم فه
محمد سعيد
الشعب لم يتنخب مباشره معظم النواب واصحاب الهلاهل هولاء ,حيث حسب المعلومات ان 17او18 نائبا فقط حصلو علي اصوات التاهيل, والبقيه البلغ عددهم حوالي 95% هم مجرد موظفون تم تعينهم من قبل قاده كتلهم ... انها حقا مهزله نظام انتخابي انتقائي فريد قد لايمكن ترقتيه
حياد
هو مجلس نواب لو ( فرقة حسب الله ) والله مااعرف اخجل لوابكي لواضحك من اشوف هذه النماذج تمثل العراقيين
جلال محمد
مع کل الاسف لهوءلاء البرلمانیین اللذین همهم الوحید املاء جیوبهم من اموال الشعب العراقی المظلوم هوءلاء مجامیع من حثالة المجتمع العراقی فی السابق کانوا یتسولون فی دول الجوار و بعض من الدول الاوروبیه و الیوم اصبحوا سیاسیین ولو لایفهمون فی السیاسه، ولکن الع
علي أحمد
مقال أكثر من رائع إلا إن الكاتب أساء تفسير الحديث الشريف (انصر أخاك ظالماً او مظلوماً) فتكملة الحديث مفادها أن تمنع أخاك من الظلم باسداء النصيحة له لردعه وليس المعنى ان تنصره في ظلمه للاخرين. وربما أراد الكاتب التفسير الدارج المتبادر الى الذهن من هذا الحد
محمد
هذا هو مستواهم الحقيقي وان شاء الله لن يستمر الوضع هكذا وسياتي اليوم الذي يرجعون فيه الى اصولهم المتخلفة لكي يهلهلوا ويصفقوا على ما يشاؤون