من الفطنة أن تبدأ الأنظمة التي تعتمد على صادرات الطاقة وحدها التفكير بإحالة نفسها على التقاعد هذا ما ختم به مقاله السيد (افيير تاكر مساعد في معهد الطاقة التابع لجامعة تكساس) عن مجلة فورن افيرز كما نشر في جريدة الصباح يوم 4/2/2013. فقد بات جلياً وواضحاً أن هناك عالما كاملا لا يسره استمرار النفط ولكلفته العالية بها لمدة أطول ويقدر الكاتب ذلك أنه لن يتجاوز الخمس أو عشر سنوات. وذلك نتيجة الابتكار في عمليات استخراج النفط والغاز، لهذا السبب انخفضت بحدة نسبة استهلاك الولايات المتحدة من اجمالي النفط المستورد نحو 60% في العام 2005 إلى أقل من 45% هذه السنة، ومن المحتمل أن يستمر التناقص الى أن تصبح الولايات المتحدة، أو أمريكا الشمالية على الأقل، مكتفية ذاتياً في مجال الطاقة.
فهذه الزلزلة الاقتصادية والجيوسياسية سوف يشعر بها العالم أجمع.
لا نريد أن ندخل في تفاصيل الجانب الفني في النفط والغاز اللذين تم ابتكار وسائل جديدة لاستخراجهما بأقل كلفة ومحاولة أن يكون ذلك شبه اكتفاء في المناطق الحيوية.
فأين نحن من هذه الموجة والاهتزازات لاسيما وأنها ليست بعيدة ويحدد خمس أو عشر سنوات؟
فهذا يعني إن صدق الراوي أن أمريكا كدولة سوف لا تعنيها كثيراً مصالحها في المنطقة العربية أو الشرق أوسطية كما كانت وما زالت. ويعني أن النفط سوف يكون أقل سعراً للسبب ذاته كما أن دول جنوب شرق أسيا ليسوا بعيدين عن هذا التوجه والتكنولوجيا سواء الهند أو الصين أو باقي نمور أسيا. ومما يعني من الناحية الجيوسياسية هو تقدم وازدهار الدول التي لا تعتمد كلياً على تجارة النفط أي التي لها صناعة وزراعة بحيث ضرائبهم تشكل الركن الأساس لميزانية دولهم مثل مصر وإيران أما تركيا فأنها ولا شك الآن متقدمة جداً قياساً لنا ولغيرنا من الدول العربية بسبب تنميتها الحقيقية وازدهار صناعتها وزراعتها ولم تدخل في حصارات أو حروب كغيرها من جيرانها. وحتى موقف إسرائيل سيكون بشكل أخر بعد تراجع أهمية الطاقة بالنسبة لامريكا واوروبا فلا شك ستكون أقل راديكالية مع الأيام بعد حل الدولتين. أما دول الاختصاص نفطاً أو غازا أي الدول الخليجية فلا شك أنها ستتجه أكثر ربما نحو الاستثمار في الدول الأكُثر تقدماً ولكن تجربة الأزمة المالية الأخيرة كانت غير مشجعة ولذلك ربما ستستثمر في دول أسيوية بعد خرابها مثل باكستان أو أفغانستان وكأنها كومنوليث خليجي. ربما وستكون أكثر ميلاً لهم لأن غبارهم السياسي أقل بكثير من غبار العرب. وهذا ينعكس علينا اقتصاداً وتنمية فما زلنا نتباشر أن نفطنا أصبح كما هو في أواخر السبعينات من القرن الماضي. وما زلنا مع ذلك نزيد إنتاجه.
من دون قانون نفط وغاز ودون شركة نفط وطنية وما زال الغاز يحرق هدراً وهو طاقة المستقبل لكونه الأرخص والأقل تلوثاً إضافة إلى أننا نستورد مشتقات نفطية من دول الجوار فهل هذا الأداء بمستوى التحدي الحالي والقادم الأكبر؟ والأسباب حتى الآن غير كافية لإقناع أصحاب الحل والعقد أو أولي الأمر بأننا لم نضع أولوياتنا حتى الآن وأهمها دستورنا الذي أصبح هو المشكلة وليس الحل. حيث ندفع ثمن العمالة الاتية من الشيطان الذي يودعنا مكتفياً غداً. فحتى إذا اتجهنا نحو الفدرلة فعلى الأقل تتكافأ الاطراف اقتصادياً من حيث البنية التحتية الرابطة للاجزاء (كهرباء، سكك حديد، ثروة مائية، تكامل صناعي وزراعي) كل هذه المشتركات الأفقية عامل توحيد وتوطين لشعارات وأناشيد وقصائد على الأرض العراقية التي يفتش بعض ساكنيها في هويات ما قبل الإسلام والدولة.
أنه زلزال يحرق الواحد والاثنين والثلاثة من أجزائنا وإذا استمر حيتان المال في عصرهم الذهبي هذا الذي يرفضون حتى تقديم كشف بذمهم المالية الانفجارية. وأنهم ذوو الدرجات الخاصة وهذا يعني أنهم أصحاب القرار ومطبخه وهم أولو الأمر وأهل العقد والحل فهل هؤلاء من يتصدى للزلزال الحالي والقادم؟