اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > كانت قبلة للسائحين..شوارع بغداد التاريخية .. أسواق عشوائية

كانت قبلة للسائحين..شوارع بغداد التاريخية .. أسواق عشوائية

نشر في: 10 فبراير, 2013: 08:00 م

لم يعد الحديث عن النظام والقانون له جدوى في ظل تنامي العشوائيات والفساد الإداري والمالي الذي بدأ ينخر جميع مؤسسات الدولة دون استثناء حتى صار الحديث عن الفساد في هذه الدائرة أو تلك غير معيب أو لا يشكل سبة في مفهوم القيم الأخلاقية والإنسانية، لهذا المس

لم يعد الحديث عن النظام والقانون له جدوى في ظل تنامي العشوائيات والفساد الإداري والمالي الذي بدأ ينخر جميع مؤسسات الدولة دون استثناء حتى صار الحديث عن الفساد في هذه الدائرة أو تلك غير معيب أو لا يشكل سبة في مفهوم القيم الأخلاقية والإنسانية، لهذا المسؤول أو ذاك، لا يبدي حرجا أو خجلا من تسمية دائرته أو وزارته بصفة الفساد، لهذا تجد أن العشوائية تتسيد الواقع الخدمي والاقتصادي والاجتماعي، أسواق عشوائية بدأت تزحف على الشوارع الرئيسية في بغداد وصار الحديث عن التصدي لتلك الظاهرة يعد مظلمة وغبناً لحقوق الفقراء المتجاوزين.

سوق الرُصافي

بعد غلق العديد من شوارع بغداد لظروف أمنية، تحولت تلك الشوارع بقدرة قادر إلى أسواق لباعة الأرصفة و(الجنابر) وصارت تلك الشوارع شيئا فشيئا من الماضي. ما بين مدخل الشورجة وحتى الساحة التي يقف فيها تمثال الشاعر معروف الرصافي (ساحة الرصافي) يشهد شارع الرشيد عشوائية لا سابق لها، حيث الباعة الجوالون في منتصف الشارع، باعة خضراوات وفواكه وملابس وجميع أنواع البضائع الاستهلاكية، مع انتشار الصناديق الفارغة والمخلفات، بينما كان هذا الجزء من شارع الرشيد مخصصا لبيع المرايا. من هناك يتفرع سوق المرايا و(الجام) أو ما يعرف بـ(عكد الجام)، والمواد اليدوية ومستلزمات النجارة والحمامات، اليوم لا تخصص في أقسام الشارع، وما تبقى من محلات قديمة ومعروفة ضاعت بين هذه العشوائية الضاربة، فبعد أن كان اسمه شارع الرشيد تحول إلى سوق يمتد من ساحة الرصافي حتى جسر الأحرار حيث يمارس الباعة على جانبي هذا الشارع التراثي الكبير عرض بضاعاتهم من الملابس والأدوات الصحية وبيع الطرشي والاجبان والكثير من المواد المنزلية.

مناطق مغلقة

في لقاء سابق مع عدد من أصحاب محال سوق الصفافير ذكر الجميع أنهم خسروا زبائنهم نتيجة غلق هذا الشارع بسبب عدم السماح للسيارات بالمرور أو التوقف عند هذا السوق التراثي الجميل، تحول غالبية صناع الأواني النحاسية التراثية إلى مهن أخرى؛ فمنهم من صار تاجر أقمشة وآخرون تخلوا عن تلك المهنة لينتهي بذلك صوت الضجيج الذي كانت تضرب به الأمثال، سيد سعد صاحب محل نحاسيات في هذا السوق منذ 40 عاما قال "إن غلق شارع الرشيد أمام مرور السيارات وجعله سوقا للباعة ولكل من هب ودب يعد سببا رئيسيا لتوقف نشاط هذا السوق"، وقال بان المتبضعين في السابق كانوا يركنون سياراتهم وبالأخص منهم السياح الأجانب بجانب السوق ثم يقومون بشراء حاجياتهم بكل يسر أما الآن فالأمر يختلف حيث أن إغلاق الشارع ساهم إلى حد كبير في توقف نشاط هذا السوق. وما زاد الطين بله هو ان الجهات الأمنية حينما قررت فتح هذا الشارع ومنع الباعة من التواجد على أرصفته حدث الهجوم الإرهابي على البنك المركزي من قبل مجموعات إرهابية منظمة مما جعل الجهات الأمنية تعدل عن قرارها وتغلق الشارع ثانية بوجه حركة المركبات. لا تزال المنطقة المحصورة بين تمثال الرصافي حتى جسر الأحرار مغلقة وهي تمثل الجانب المهم من هذا الشارع التراثي الجميل حيث تتواجد على جانبي هذا الشارع مئات المحلات ومعارض الملابس والأحذية والتي فقدت بريقها وقيمتها في هذا الشارع بعد غلقه فاندثرت بذلك مهن كبيرة ومهمة لغالبية عظمى من المهرة ومنها مهنة صناعة الأحذية ومهنة المطابع ومعامل  الإكسسوارات.

سوق غرناطة

أما سوق شارع سينما غرناطة فهو الآخر توقفت حركة المركبات فيه بعد أن أصبح سوقاً لبيع مخلفات القواعد الأميركية حينها وحتى بعد رحيل القوات بقي هذا السوق مكانا لبيع الألبسة والمواد الخردة ومحلات الإسكافية للأحذية وغيرها من الحاجيات التي يتوسط باعتها هذا الشارع منذ الصباح ، يربط هذا الشارع منطقة الباب الشرقي بالكراج الرئيسي ويحد من الزحام الحاصل على ساحة التحرير باعتباره شارعا فرعيا مهما يفضي إلى فك الاختناقات الحاصلة في الشوارع الرئيسية، احد الباعة في هذا السوق قال بأنه خريج كلية الهندسة ومترجم لغة انكليزية  وعلى الرغم من كل هذه المزايا التي يتمتع بها فانه لا يجد وظيفة يسد بها حاجته وحاجة عائلته من المال بحجة أن سنه كبير وغير صالح للعمل على الرغم من انه لم يتجاوز العقد الثالث من عمره، يقول: دخلت العمل الى هذا السوق بسبب يأسي الشديد من وجود وظيفة والتي صارت اليوم لها مواصفات غير التي نعرفها فصاحب الاختصاص العارف بالأمور التقنية صار الاستغناء عن خدماته سهل مقابل تعيين ابن العم او الاخ الذي لا يملك أدنى معلومة في المكان الذي تطوع فيه حتى صار البعض يطلق على هؤلاء (بالفضائيين) ومعناها المعروف لدينا بانهم يمنحون نصف رواتبهم لآمري وحداتهم مقابل أن يناموا في بيوتهم  وصرنا نحن الغرباء عن الاختصاص، وحينما حاججته بأنه يستطيع العمل في أماكن وورش خاصة قال إن هذه الورش والشركات الأهلية هي الأخرى لا تعطيك الراتب الذي تطمح إليه لأنها تستنزف قوتك كل اليوم مقابل رواتب لا تسد الحاجة وفضل متحدثنا ما هو فيه من وضع واصفا مهنته بأنها الأفضل حاليا.

مريدي النازح من ميسان

  يعود تاريخ سوق مريدي وتسميته إلى نحو 40 عاماً، مقترناً بأول باعتها ويدعى الحاج مريدي وهو من عشيرة الفرطوس ونزح من ناحية العدل التابعة لقضاء المجر الكبير محافظة ميسان، إلى بغداد، ويعد صاحب أول كشك في السوق الذي تأسس عام 1972  وكان ذلك بعد تأسيس مدينة الثورة بـ10 أعوام. ويعود تأسيس مدينة الثورة (سميت أيضاً مدينة الرافدين في عهد عبد السلام عارف ثم صدام في حقبة النظام السابق ثم مدينة الصدر حاليا)، إلى عهد رئيس الوزراء العراقي الأسبق الزعيم عبد الكريم قاسم الذي بناها مطلع ستينيات القرن المنصرم من أجل توطين سكان الريف النازحين من جنوبي العراق إلى بغداد وكذلك الأكراد الساكنين في مناطق عشوائية  مثل الشيخ عمر وغيرها من مناطق بغداد لذا تجد في المدينة حيا كاملا يطلق عليه حي الاكراد، ويتوسط سوق مريدي مدينة الصدر المقسَّمة إلى قطاعات حيث يحتل السوق ثلاثة من قطاعاتها الـ 97 ويبدأ من منطقة الاورزدي بشارع الجوادر انتهاء بمستشفى الإمام علي بطول يصل إلى 1500 متر وبعرض 60 متراً وعلى الرغم من ادعاء البعض بان الناس لا تجد عملا فتتوسط الشارع المؤدي من بداية تقاطع الاورزدي وحتى نهاية شارع مستشفى الإمام علي  وتفترش ارض الشارع لتمنع بذلك مرور السيارات والسابلة وتكون في أوقات كثيرة مصدر إزعاج لحالات إنسانية ومرضية تتطلب السرعة في الوصول إلى المستشفى ذهابا وإيابا.

حماية المتجاوزين

صارت السيارات تتخذ طرقا أخرى عبر الأفرع الضيقة أو الشوارع الفرعية نظرا للزحام الذي ولده تواجد الباعة في هذا السوق، هو الاخر أغلق شارعا كاملا أمام حركة السيارات والسابلة وساهمت القوات الأمنية المتواجدة بذلك بعدما حاولت مرارا فتح هذا الشارع الحيوي أمام حركة السيارات لأنه يربط نصف المدينة بنصفها الآخر إلا أنها لم تفلح أمام إصرار الباعة على تواجدهم الضخم وسط الشارع وقد وضعت بعض القطع الكونكريتية على جانبي الطريق من اجل أن يتحول الباعة خلفها حماية لهم وتسهيل حركة السيارات إلا أن الباعة رفضوا الوضع وعادوا يفترشون الشارع ليعرضوا بضاعتهم ولمختلف الاحتياجات.

يقول المواطن مهدي الفياضي بان بيته يقع في آخر قطاع من المدينة وانه يضطر لصعود أكثر من حافلة لكي يصل إما إلى عمله أو بيته  واستغرب من هذا الصمت الذي تمارسه مؤسسات الدولة من هذا التجاوز على الطرقات العامة بحجة العوز والحاجة. ويؤكد السيد الفياضي  بالقول: اذا ما بررنا هذا العمل فسيصبح البلد فوضى لأنه سيسمح لكل من هب ودب ببناء كشك أو بسطية  في أي شارع وهو ما يحصل الآن وخاصة في هذه المدينة التي تعاني الفوضى في الخدمات وغياب القانون.

ولمواقف السيارات حصتها

مع غلق الشوارع انتشرت ظاهرة غريبة وهي المواقف العشوائية حيث يستغل بعض المواطنين الشوارع والأزقة المسدودة لجعلها مواقف سيارات خصوصا قرب الأسواق والمراكز التجارية حيث يعمل البعض على استغلال الشوارع المسدودة لجعلها باركات وقوف ويتقاضون أجوراً على ذلك علما أن البعض مقتنع أنها مواقف سيارات نظامية ويدفع أجور الانتظار، إن غياب الرقابة من الجهات المختصة يجعل هؤلاء يتمادون في أفعالهم هذه بل إن بعض الشوارع غزتها سيارات الأجرة وجعلتها كراجات ويشجع المواطن هؤلاء السائقين على العمل لجعل هذه الشوارع المقطوعة ككراجات، الفوضى في كل مكان ولا يوجد تنظيم من قبل الجهات المختصة لهذه الحالات هذا بالإضافة إلى أن اختفاء المواقف النظامية في العاصمة بغداد ساعد في استغلال أي ارض لجعلها موقفاً للسيارات حتى لو كانت مخصصة لقضايا أخرى، صار الشارع مباحا للجميع وصارت حرمة قطع الطرق هواية يمارسها البعض لكسب الرزق حتى وان كان هذا الكسب على حساب إغلاق شوارع رئيسية في كل مناطق بغداد، التماهي في فرض القانون والمحاباة جعل الآخرين يتمادون ببسط نفوذهم على تلك الشوارع التي صارت تئن من الدخلاء الذين لا يقف بوجههم قانون أو حتى احترام التعاليم الدينية التي تحرم قطع الطرق أمام السابلة أو تعطيل حركة الناس كما ورد في أحاديث كثيرة للرسول الكريم (ص).

أمانة بغداد ورفع التجاوزات

يبدو ان حدود صلاحيات دوائر أمانة بغداد في هذا الموضوع غير مجدية ولا تتعدى فقط سيطرتها على باعة الأرصفة ولهذا نجد أن اغلب الباعة يلجؤون ببسطياتهم إلى جانب الكتل الكونكريتية تحسبا لحملات الأمانة التي تطالهم بين الحين والحين.

وكيل أمانة بغداد نعيم عبعوب قال إن أمانة بغداد قررت إزالة التجاوزات في الأماكن العامة، وإنهاء ظاهرة الأسواق التجارية العشوائية، مبيناً أن أمانة بغداد مستمرة بإيجاد الأماكن البديلة للباعة المتجولين.وأستدرك عبعوب بالقول لكن هناك مشكلة تتعلق بعدم قناعة الباعة المتجولين بهذه الأماكن، بسبب بعدها عن الأسواق التي تشهد اكتظاظا بالمتبضعين منوهاً بأن الأمانة أنشأت أسواقا عديدة ضمن خطتها لاستعادة جمالية العاصمة بغداد.يذكر أن أمانة بغداد تنفذ بين الحين والآخر، حملة لرفع التجاوزات في الأماكن العامة والأرصفة والأسواق، لكن العديد من المتضررين من الحملة يصفون إجراءات الأمانة بأنها محاولة لحرمانهم من العمل.

دور المجالس البلدية

عادة ما تكون تلك الشوارع المغلقة وهذه الأسواق العشوائية ضمن مناطق المجالس البلدية، عن دورها في الحد من هذه التجاوزات أكد البعض منهم أن المجالس البلدية لها سلطات رقابية وليست تنفيذية وهي عادة ما توجه إلى الدوائر المعنية الكتب الرسمية بخصوص هذه التجاوزات.

رئيس المجلس المحلي لمدينة الشعلة حسين مزهر أكد أن: المجالس البلدية والمحلية دورها رقابيا وتشريعيا ولا تتدخل في الأمور التنفيذية للدوائر الحكومية والمؤسسات الأخرى، ولاحتكاكهم المباشر مع الموطنين فأنهم أصبحوا شماعة لتعليق أخطاء وفشل الوزارات الخدمية والصحية والاجتماعية ما جعل المواطن يلتجئ إليها، وجعل المواطنين يعتقدون أن المجالس المحلية والبلدية هي صاحبة القرار الأول والنهائي في تلبيه احتياجاته المعيشية والخدمية، بينما ذلك من صميم عمل الوزارات، لأن ذلك ليس من صلاحيات المجالس المرتبط دورها بالجانب الرقابي والتشريعي، وهناك من يعلق على أن كل ما يجري من تجاوزات ضمن قاطع المجلس البلدي لمنطقة هو من عمل المجلس وبموافقته ، وهذه الاتهامات غير منصفة لان مشروعية عملها لا يمنحها صلاحية التدخل في عمل الوزارات لأنه يرتبط بالمناطق الجغرافية التابعة لها فيما تعد الوزارات اتحادية ولكن هناك قصورا واضحا في التعامل مع المجالس.

الدور الرقابي

رئيس المجلس البلدي لقاطع الكاظمية مسلم احمد قال: إن أسبابا عدة أدت الى عدم إنصاف المجالس المحلية والبلدية من الدوائر التنفيذية ومن شريحة واسعة من  المواطنين ومن تلك الأمور أن الجميع يتصور أن آلية عمل المجالس يرتبط بالجهات التنفيذية ولها الصلاحية بإصدار قرارات رفع التجاوزات وفتح الطرق وغيرها وتمتلك القدرة على إصدار القرارات المهمة في مختلف الجوانب الخدمية والصحية والعمرانية وهي صاحبة الأمر النهائي في تسيير مصالح المواطنين  بهذه القضايا في الدوائر الحكومية ، ولكن الحقيقة مغايرة لان عمل المجالس حسب النظام الداخلي ينصب على الدور الرقابي والتشريعي وتشخيص السلبيات ووضع المعالجات المناسبة لها التي يجب معالجتها بالسرعة الممكنة من الدوائر التنفيذية ومنها الخدمات والصحة والهجرة والمهجرين والرعاية الاجتماعية والأمن وحقوق الإنسان والشباب والرياضة والتربية وغيرها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في درجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram