TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اضطراب في "مشهد"

اضطراب في "مشهد"

نشر في: 10 فبراير, 2013: 08:00 م

في البدء لا بد من الإشارة هنا إلى أن ورود مفردة مشهد لا تعني الإيحاء او التلميح لمدينة إيرانية  تعرف بهذا الاسم ، والمقصود هو المشهد الشعري العراقي الحالي ،  والشاعر عارف الساعدي  مع  عشرات من  زملائه أعلنوا  أسفهم لإصابة مشهدهم  بأمراض وعاهات  انتقلت إليه من  الوضع السياسي الراهن.

موقف الشاعر الساعدي وزملائه ترجموه إلى مقاطعة المشاركة في المهرجانات، والابتعاد عن المنصة  واقتصار نشاطهم على كتابة قصائدهم وتداولها في نطاق محدود وعلى شبكة التواصل الاجتماعي ، لحين تطهير الساحة الشعرية من الطارئين ، والمندسين، وأصحاب الصوت الصاخب  والكوارث في رفع المنصوب بذريعة تفجير اللغة ومنح الريش لكلمات متداولة  لتطير وتحلق في فضاءات شاسعة، وكسر قواعد النحو  للتعبير عن اللحظة الكونية لتأكيد حضور الشاعر في المدار الساكن الراكد، وكسر الجمود وتجاوز الصنمية.

المقاربة بين المشهدين الشعري والسياسي تكشف بشكل واضح أن أمراض  السياسة المزمنة انتقلت إلى ساحة الشعر العراقي المعروفة منذ زمن طويل جدا أنها كانت تمتلك مضادات حيوية لمنع الطارئين من الدخول، وتشرع أبوابها للموهوبين من الجيل السابق واللاحق، وهذا ما أكدته دراسات وبحوث ومؤلفات أكاديميين فضحت أسماء صنعتها الشائعات، قبل أن يسخر السلاطين الشعراء  لمدحهم والتغني بمنجزاتهم، مقابل ذلك يحصل المداحون على أنواط وشارات  وألقاب وسيارات من نوع  فولكس واكن برازيلي.

  الشعراء الساخطون اليوم على اضطراب مشهدهم ، ليست لديهم القدرة على فضح المندسين، وحركتهم الاحتجاجية تحتاج إلى أدوات وإجراءات، لتشخيص المندس، وتلك مهمة صعبة، وجهودهم في هذا الأمر تكاد تكون متطابقة مع الجهود التي تبذل حاليا لفضح من اخترق صفوف المتظاهرين في محاولة لحرف مسار الاحتجاجات  نحو أغراض أخرى، وإذا كان الشعراء قد أعلنوا مقاطعتهم المنصة، يصر السياسيون يوميا على أن يكونوا دائما فوق المنصات سواء في مبنى البرلمان أو في فندق الرشيد والأماكن الأخرى ليفجروا اللغة، بخطبة عصماء تتضمن مطالب بتطهير الساحة السياسية من المندسين من أذناب الاستعمار والرجعية وفلول النظام السابق.

في المسافة الفاصلة بين الشعراء والساسة ومع احتمال وجود مقاربة بينهما  استنادا إلى  مشتركات الاضطراب  ومعاناتهم من وجود المندسين والطارئين، لا أمل في الأفق، يمكن اعتماده، كمعيار ثابت لمنح حق اعتلاء المنصة، لأنها أصبحت مشاعة لمن كتب قصيدة هزيلة، أو حفظ خطبة ليلقيها على السامعين، وهي عادة تبدأ بالاستهلال المستهلك ، يا أبناء  شعبنا العظيم،  أوصيكم بتناول  "المسموطة" يقصد السمك المجفف الوجبة الغذائية المفضلة في اهوار الجنوب، فهي تمنح للبدن القوة والنشاط، وتخلص أعصابكم من الشعواط وتسرع خطواتكم في قطع كل الأشواط، للوصول إلى مرحلة الرفاهية، والتمتع بالصحة والعافية، وبهذا السجع السياسي، اضطرب المشهد الشعري، وسيطال في الأيام المقبلة، ما تبقى من ثقافة رصينة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram