اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المسرح والسياسة

المسرح والسياسة

نشر في: 11 فبراير, 2013: 08:00 م

منذ عام 1966 أقيم في مدينة شيراز الإيرانية مهرجان مسرحي عد واحداً من المهرجانات المسرحية الرئيسة في العالم. وتميز برنامج المهرجان في احتوائه على عروض مسرحيات جديدة أنتجت خصيصاً لذلك المهرجان وكان من بين تلك العروض (جبل وممر الكاردينيا) للأميركي (روبرت ويلسون) و(اورخاست) للانكليزي (بيتر بروك) وكانت مسرحية (سفينة المغفلين) للياباني (شوجي تيراياما) أكثر الأعمال تميزاً في مهرجان عام 1976، وقدم العرض الياباني في فضاء مفتوح هو ساحة سراي موشير القديم، والعمل مقتبس من أعمال تيراياما الأخرى وهو سلسلة من الصور غير المترابطة وشخصيات ترتدي أزياء غريبة وتضع على وجهها ماكياجاً غربياً أيضا، وهناك وضعت في مركز منطقة التمثيل قوقعة كبيرة ظلت ثابتة طوال العرض اتخذت مركزاً لإجراءات محاكمة وبمرافقة الموسيقى والمؤثرات الصوتية المضخمة أدى الممثلون الذين يرتدون ملابس سوداء يمثلون الحرس، حركات عنيفة. وفي صورة أخرى يجلس خمسة أشخاص عراة لا يتحركون أمام منضدة كبيرة وأمامهم خمسة أشخاص آخرين عراة ايضاً يقفون على استعداد ويقوم شخص آخر بتوزيع قطع من السمك والدجاج على الحاضرين ويتناول احدهم الطعام بينما يقوم احد الواقفين بالصراخ والالتواء ويتوقف عن هذه الحركة عندما يتوقف الآخر عن تناول الطعام، وصورة أخرى لامرأة تحاول أن تغني ويمنعها آخر عن الغناء بوضع يده على فمها وتدفع يده بعيداً عن فمها وتستمر في الغناء، ويدخل شخص آخر يمارس طقوساً معينة حول جسم المرأة وتستمر هي بالغناء ويظهر رجل يطلق من بين يديه حمامة بيضاء والمرأة تستمر بالغناء، وهكذا تستمر مثل تلك الصور غير المترابطة ولكن بالتأكيد لها دلالات معينة تحتاج من المتفرج إلى أن يتأملها.
الإيرانيون قدموا في مهرجان عام 1976 مشاهد مما يسميه الغربيون (التعزية) وهي طقوس وشعائر عاشوراء ومعركة الطف واستشهاد الإمام الحسين وأصحابه (عليه السلام) وقد وضعها الناقد الأميركي (مايكل كيربي) المحرر في مجلة (دراما ريفيو) على أنها أوبرا دينية – شعبية وكان الشاه قد منع إقامتها لسنوات ولكنه أجازها أيام المهرجان ولفت انتباه المشاركين في المهرجان من الأجانب ذلك التأثير العاطفي الشديد الذي أحدثه ذلك العرض الطقسي وما رافقه من تراتيل وأهازيج وعويل ولطم على الصدور والرؤوس، وقدم العرض في مأوى للخيول في إحدى القرى الجبلية قريباً من شيراز.
شاركت في المهرجان فرق عديدة من يوغو سلامها واندونيسيا وباكستان واليابان والهند وبلجيكا واسبانيا وبولندا. واعتبر البعض ممن حضر المهرجان انه ملتقى لثقافات الأمم المختلفة، ومع هذا فقد قاطع البعض الآخر المهرجان احتجاجاً على قيام السلطات بوقته بتعذيب السجناء والسياسيين لانتزاع الاعتراف منهم وهكذا فقد كان للسياسيين تأثير في ارتياد المسرح، ودافع بعض النقاد عن المهرجان كونه ابتعد عن السياسة حيث لم يكن هناك من دليل او إشارة على ان إدارة المهرجان تتبع مساراً سياسياً حزبياً معيناً ولم يكن هناك دليل على أن الفنانين الإيرانيين المشاركين في المهرجان يبغون أهدافاً سياسية واضحة، ونتساءل اليوم عن مصير ذلك المهرجان الحافل بالعروض المسرحية المتجددة والذي أعطى ذلك البلد الشرقي أهمية فنية خاصة فعلاً على مشاركة الفرق المختلفة في عروض المهرجان كان الكثير من محبي المسرح ودارسيه ونقاده يحضرون المهرجان بتلهف بالغ وليتنا هنا في بغداد نقيم مهرجاناً عالمياً كمهرجان شيراز ونقدم فيه نحن العراقيون من موروثنا الفني ما يثير الزوراء والسياح والضيوف من المسرحيين وغيرهم، ونقدم في مثل هذا المهرجان نحن ايضاً مسرحيات عن معركة الطف ومسرحيات عن ملحمة كلكامش وعن حكايات ألف ليلة وليلة، نعم نستطيع ذلك إذا ما اقتنع المسؤولون بالفكرة وإذا ما خصصوا الميزانية الكافية لسد نفقات المهرجان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram