بافتتاح العاهل الأردني البرلمان الجديد، الذي تم انتخابه وفق قانون قال الملك نفسه إنه لم يكن مثالياً، يكون الأردن قد قطع شوطاً مهماً في عملية إصلاح للنظام، يريدها صاحب القرار متدرجة، ويريدها المعارضون فورية وثورية، تبدأ بتعديل دستوري يحد من صلاحيات الملك، إن لم نقل يلغي دوره في الحياة السياسية، ودون توفر بديل مقنع، وبسبب غياب الحياة الحزبية الحقيقية عن الساحة السياسية في الأردن، وبسبب قانون الانتخابات، فإن حزباً واحداً لم يتمكن من إحراز أغلبية تؤهله لتشكيل حكومة نيابية، وقد تمت الاستعاضة عن ذلك بمشاورات يقودها القصر مع مجلس النواب والكتل النيابية، لاختيار رئيس الوزراء الذي سيكلف بتشكيل الحكومة المقبلة.
وصف الملك عبد الله الانتخابات النيابية بالنزيهة والشفافة، وقال إنها تمت وفق أفضل الممارسات العالمية، لكنه دعا في الوقت نفسه إلى نهج عمل جديد، وهو يرى أن عملية المشاورات وتشكيل الحكومة ستكون سريعة وسهلة، إذا توفر ائتلاف كتل يحظى بالأغلبية، ولكنها ستأخذ وقتاً وجهداً أكثر، في حال عدم بروز ذلك الائتلاف، قال ذلك وهو يدرك أن تطور آلية التشاور يعتمد على تقدم العمل الحزبي والبرلماني، الذي يؤدي إلى ظهور ائتلاف برلماني على أسس حزبية، يتمتع بالأغلبية وتنبثق عنه الحكومة، ويقابله ائتلاف برلماني معارض يمارس الدور الرقابي، كحكومة ظل، ويعني ذلك أن على البرلمان الجديد إجراء تغييرات في قوانين الانتخابات، ليكون البرلمان أكثر تمثيلاً للجميع، ولإرساء ديمقراطية متعددة الأحزاب.
في الجلسة الأولى تم التنافس على رئاسة المجلس، وفاز بالموقع نائب مخضرم نجح عن القائمة الفردية أو المحلية، مقصياً منافسه الذي أتى للبرلمان على رأس قائمة الوسط الإسلامي، وفي ذلك دلالة على أن قوانين اللعبة لم تتغير كثيراً، فسعد هايل السرور الذي فشل في الانتخابات السابقة، وكوفئ بتعيينه نائباً لرئيس الوزراء، يعتبر من أعمدة النظام ومن أهل بيته، وهو شغل الموقع في السابق، ولم يترك بصمة مميزة، لكنه يطمح اليوم كما قال، لتكريس موقع المجلس النيابي كشريك فاعل، وليس مجرد ديكور يدار من خلف أبواب مغلقة، خصوصاً لجهة التشريع، الذي سيعطي للبرلمان السابع عشر أهميته إن نجح في المهمة، أو يكون أداؤه مبرراً للعودة إلى المربع الأول.
يقف الأردنيون اليوم على أعتاب مرحلة جديدة في حياتهم السياسية، لا تسمح بالتفاؤل أو التشاؤم، وليس عليهم غير انتظار حصاد التجربة، التي يقول الإخوان المسلمون إنها ستكون صفراً، لقناعتهم أن النظام يناور، وأنه يفتقد الإرادة الحقيقية للتغيير والإصلاح، في حين يرقب المواطن بعين مفتوحة نتائج التغييرات الثورية، في مصر واليمن وتونس وليبيا، التي أتت بالإسلاميين إلى السلطة، ولا يشعر مطلقاً بأنها مشجعة، وهو يتوق إلى عملية إصلاحية تحفظ مع التغييرات التي سيرافقها أمنه وأمانه، ولا تضعه تحت رحمة التغييرات المخلة بنظامه الاجتماعي المقبول.
مرحلة جديدة في حياة الأردنيين
[post-views]
نشر في: 11 فبراير, 2013: 08:00 م