وديع غزوانفي المعايير والاعتبارات الدولية يعد مقدار استقلالية وحيادية السلطة القضائية مؤشرا رئيسا على مدى التمسك الفعلي بسلطة القانون والالتزام بمبادئ حقوق الانسان وحرص هذا النظام او ذاك على ترسيخ منظومة القيم الانسانية ووضع من يتجاوزها او ينتهكها تحت طائلة المساءلة القانونية
ايا كان موقعه او مركزه. ومنذ فترة ليست بالقصيرة دأبت القيادة الكردستانية على رسم اليات بناء مجتمعي جديد اطاره احترام الانسان وترسيخ مفاهيم الالتزام بالقانون واللجوء الى القضاء لحل المشاكل بين الاطراف المتنازعة افراد او مؤسسات. واتخذت خطوات عملية وجادة باتجاه تحقيق هذا الحلم وتعزيز سلطة القضاء والقانون..وكانت اول خطوة تؤشر على ارادة سياسية تسعى لترسيخ الدور الرقابي للشعب , الاصرار والتصميم على اجراء اول انتخابات برلمانية عام 1992رغم الظروف الصعبة التي كان يمر بها الاقليم انذاك.. تبع ذلك مجموعة اجراءات لتعزيز وتفعيل الدور الرقابي للبرلمان وخطوات اخرى صبت باتجاه دعم الجهاز القضائي ليمارس دوره بحرية في حماية حقوق المواطن.. وصولا الى الاعلان عن تشكيل مجلس القضاء الاعلى في الاقليم والانفتاح على المنظمات القانونية الدولية لرفد الجهاز القضائي بالخبرات والمساندة وتوسيع افق العاملين فيه من خلال اطلاعهم على تجارب الدول المتقدمة في هذا المضمار.. وحرصت السلطات المختصة على تسهيل مهمة هذه المنظمات وعدم وضع معرقلات تؤخر اداء مهامها بالوجه المطلوب. ففتحت الابواب امامها لتطلع عن كثب على طبيعة عمل الجهاز الحكومي والقضائي منه بشكل خاص لترسم هذه المنظمات وبالتنسيق مع وزارة العدل والاجهزة القضائية الاخرى خارطة طريق للارتقاء باداء هذا الجهاز الحساس ليتمكن من اداء عمله وواجباته باستقلالية وشفافية على وفق القانون الذي لايعلو عليه شيء. وتأتي خطوة استحداث اول محكمة ادارية في اربيل قبل ايام على وفق قرار برلمان اقليم كردستان المرقم 14لسنة 2008 وتحت شعار (وجود مراقبة قضائية حقيقية على السلطة الادارية دليل وانعكاس لاحترام سلطة القانون) مكملة لما سبق من خطوات واجراءات على هذا الطريق. ان تعزيز سلطة القانون في اي مجتمع يحتاج قبل التشريعات الى وعي وقناعة بالاجراءات المتخذة لتهيئة الارضية المناسبة لها للتطبيق، ولخلق قاعدة اسناد شعبية للمجموعة القيمية التي من اولى مهامها توفير الحماية لكل افراد المجتمع والتعامل معهم على اساس المساواة.. وعي من المسؤول يجعله لايتطير من الضوابط الرقابية والقانونية، يقابله وعي المواطن وثقته الراسخة بوجود الية قانونية تنصفه اذا ما تعرض الى اي غبن.. ولايفوتنا هنا ان نشير الى الدور الذي مارسته منظمات المجتمع المدني في هذا المجال وتوفير مستلزمات ممارسة دورها في ابعد نقطة من الاقليم للتوعية والتثقيف بدور المواطن في النقد والرقابة على الاداء الحكومي. وكا قلنا فان مثل هكذا موضوع لايستمد فاعليته من التشريعات والقوانين على اهميتها وعددها وقوتها وانما الاساس هو قناعة وتعاون وثقة المواطن وهذا يتطلب جهدا مضاعفا لترسيخ نهج احترام القانون وتعزيز سلطة استقلالية القضاء.
كردستانيات: القانون واستقلالية القضاء
نشر في: 25 أكتوبر, 2009: 06:57 م