TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الخوف الطائفي 2-2

الخوف الطائفي 2-2

نشر في: 16 فبراير, 2013: 08:00 م

صورة التوأم السيامي الافتراضية لأخوين يخافان من بعضهما، التي حدثتكم عنها بعمود الأمس،  تحتاج حلا سريعا من قبل أولياء أمورهما. وإلا فحياتهما مع بعض ستكون جحيما، إن لم أقل مستحيلة. الحل، أولا وأخيرا، لا يتم من دون استئصال الخوف الذي صار يتحكم بطريقة سلوكهما ومشيتهما. كيف؟

مثلما هناك علاجات مضادة للكآبة والقلق فهناك مضادات للخوف تكبح إفراز الهورمونات التي تسببه، من جانب، وتقوي إفرازات الهورمونات الطبيعية التي تقاومه، من جانب آخر.

المتظاهرون السنة لم يخفوا خوفهم من سياسات رئيس الحكومة تجاههم ويطالبون برحيله، ضمنا أو صراحة، مما يعكس، بشكل أو بآخر، عدم ثقتهم به. تشاركهم في عدم الثقة هذه كتل برلمانية سعت علنا إلى سحب الثقة عنه، لكنها أخفقت. وهذا لا يعني أنها صارت تثق به، لأن فشل المسعى لا ينهي النوايا. أما خوف الشيعة فيتجسد في تصورهم أن خروج المالكي يعني ضياع السلطة من أيديهم.

واضح أن الكتل السياسية برمتها لا تعترض على منح كرسي رئاسة الوزراء لشيعي. وعلى ساسة التحالف الوطني أن يبددوا خوف الشيعة من خلال إشاعة أن المكون لا يتجسد بشخص واحد كما يروج أعضاء كتلة القانون. وهنا يصبح استبدال المالكي بآخر من التحالف الوطني جرعة أولية لتقليل شدة الخوف عن الطرفين، السني والشيعي، إلى درجة أقل من النصف. الهدف هو إرساء لبنة أولى من لبنات إعادة الثقة بين الأطراف الخائفة من بعض.

وإن كان التحالف الوطني يريد حلا جذريا لإلغاء الفوبيا الطائفية فأمامه خيار، وإن كان صعبا لأسباب معروفة، وهو أن يرشح، من كتلته، رئيس وزراء غير إسلامي. وإن كنت سأبدو مثاليا بنظر البعض، سأقترح عليهم أن يسعوا عند البرلمان لاستصدار قانون يحرم تسلم رئاسة أي من السلطات الثلاث لإسلامي أو منتم لحزب إسلامي. وذلك لقطع دابر الخوف الطائفي من جذره. المثل يقول اللي يريد شي يعوف شي.

أما إذا تعذر الحل السابق، فالبديل الذي لا بد منه هو فصل التوأم عن بعضهما بعملية جراحية وليتحمل الجميع ما يصاحب تلك العملية من وجع ومخاطر. لا بدّ مما ليس منه بدّ.

الفصل الجراحي له سند دستوري واضح عن طريق الفدرالية. هنا لا أنكر أن أطرافا سنية وشيعية لا يستهان بها ترفضه. ليس إسلامييهم، حسب، بل وبعض علمانييهم ومثقفيهم أيضا. كل له أسبابه وقناعاته. لكنهم في المقابل لا يعطوننا مبررا واحدا لرفضهم الفيدرالية سوى صيحة "إخوان سنة شيعة"، التي أثبتت التظاهرات والتظاهرات المضادة من الجانبين أنها مجرد شعار خادع.

انفصال التوأم جسدياً لا يلغي أخّوتهما، ولا انتماءهما لأمهما العراق، بل سيحررهما من نزاع الإرادات حول تفاصيل العيش ليرتاحا ويريحا البلاد والعباد.

أما آن لهذا الخوف الراكب على صدور العراقيين أن يترجل؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram