العلاقات السعودية العراقية طالما تعرضت لحالتي المـد والجزر ، وقبل انعقاد القمة العربية في بغداد حصل تقارب بين بغداد والرياض سرعان ما تبدد واتسعت مسافة الخلاف نتيجة الموقف العراقي تجاه القضية السورية ، وكان البلدان قد أبرما اتفاقية لتبادل المعتقلين ، مازالت بانتظار مصادقة مجلس النواب لتأخذ طريقها للتنفيذ ، ووقعا مذكرة تفاهم للتعاون الامني ، ومن يتابع تصريحات بعض المسؤولين ونواب ائتلاف دولة القانون هذه الايام يلمس تغييرا في الموقف بالتخلي مؤخرا عن اتهام الجانب السعودي بالوقوف وراء دعم التظاهرات الاحتجاجية ، واتجهت اصابع الاتهام الى قطر وتركيا .
يرى ائتلاف دولة القانون في القلق السعودي من الامتداد القطري في المنطقة، واتفاق الدوحة مع انقرة لتنفيذ مشروع الاخوان المسلمين بتولي السلطة في اكثر من دولة عربية ، جعل الرياض تتفهم الموقف العراقي الرافض لتغيير الانظمة لصالح الاخوان ، ولذلك حصل التقارب الاخير ، بين البلدين وسط توقعات بان السعودية ستقوم بتعيين سفير دائم لها في بغداد وتطلعات بتطوير العلاقات المشتركة وبما يخدم مصالح الشعبين .
ومن نتائج التقارب الاخير تقديم لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب التي تضم اعضاءً من صقور دولة القانون مذكرة الى رئاسة البرلمان تدعو الى ادراج المصادقة على اتفاقية تبادل المعتقلين بين العراق والسعودية على جدول اعمال الجلسات المقبلة للمجلس ، وهذه الخطوة قوبلت بتاييد ودعم الصقور ، انطلاقا من الايمان ببرنامج الحكومة في تطوير العلاقات مع جميع دول الجوار ، وهذا المبدأ لا اعتراض عليه ما دام يعبر عن مصالح وطنية حقيقية ويكون نهجا ثابتا، وليس غزلا ينتهي بهجاء متبادل ، تنقله وسائل اعلان البلدين.
الرغبة الشعبية في تطوير علاقات العراق مع دول الجوار لم تكن حافزاً في يوم ما لحث اصحاب القرار على رسم السياسية الخارجية ، فحرص بعض العراقيين من اصحاب الدخل المرتفع على زيارة انقرة واسطنبول جاء نتيجة تأثر الكثيرين بما تعرضه المسلسلات التركية ، وزيارة السعودية لأداء مناسك الحج والعمرة ، لن تتأثر هي الاخرى بتوتر العلاقات ، وكان برنامج من "كصيد البادية" لملا ضيف الجبوري يتلقى رسائل من مستمعين سعوديين بحسب عاملين سابقين في الاذاعة العراقية .
مشكلة السعودية مع العراق وطبقا لتصريحات صدرت من كبار مسؤوليها تتعلق بمزاعم قلقهم من التدخل الايراني في الشأن العراقي ، و بغداد تصيح وتستريح بان تلك المزاعم مجرد اوهام تنطلق من دوافع طائفية ، لغرض الاساءة الى العلاقات التاريخية والجغرافية بين العراق وايران .
في ظل الاجواء المتوترة التي تشهدها المنطقة ربما ابدت بغداد رغبتها في مخاطبة صانع القرار السعودي " يا طويل العمر" لكي تسمع الغزل العراقي بلغة عربية فصيحة وبعزف منفرد على الربابة عليك ان تتخلى عن مواقفك السابقة تجاه العملية السياسية ، وتعلن احترامك لارادة العراقيين في التوجه نحو ترسيخ ديمقراطيتهم ، على الرغم مما رافقها من عقبات وعراقيل سواء بسبب اداء الساسة او لوجود قصور في فهم التحول من نظام شمولي الى آخر يعتمد التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع ، يا طويل العمر جزاك الله خيراً استمتع بسماع كصيد البادية الممتدة على مساحات شاسعة بين العراق والسعودية ، وهذا العامل الجغرافي كفيل بتشجيع المسؤولين في كلا البلدين على تبادل الغزل في مضارب العربان .
من كصيد البادية
[post-views]
نشر في: 16 فبراير, 2013: 08:00 م