تطورات الأحداث الأخيرة باعثة على القلق، فمُشعلي الفتن أخذوا يتبارون بإطلاق التصريحات المسمومة. وما يبعث على القلق أكثر أن الحكومة لم تُثبت قدرتها على احتواء الأزمة، وخير دليل على ذلك، منعها المتظاهرين من دخول بغداد. الذي يكشف عن أن جعبتها خالية إلا من ردود أفعال غير مدروسة. وجل ما أخشاه أن السيد رئيس الوزراء يُخطط لانتظار أن تتصاعد الاستفزازات الطائفية، وتثير المزيد من المخاوف ما يؤدي إلى تمترس الشيعة وراء ساتر والسنة وراء آخر، ليقف هو بين الطرفين ويخيرهما بين خيارين أحلاهما مر. بين الصراع الطائفي أو القبول بالحلول الترقيعية.
يرفض الكثيرون تحميل المالكي المسؤولية الأكبر في ما يجري الآن من تطورات، لكن الحقيقة توجب ذلك، فهذا الرجل أصر بشكل غير مفهوم على تصعيد الموقف مع القائمة العراقية وشريحة ناخبيها. وإذا كانت مذكرة اعتقال طارق الهاشمي ضرورية كون الرجل متورطاً بأعمال إرهابية أثبتتها التحقيقات والأحكام الصادرة بحقه، فإن مجموعة التصعيدات التي حصلت على هامشها غير مفهومة ولا مقبولة. ومنها حملة المداهمات التي شُنْت، وقتها، على من وصفوا بالبعثيين. وهي مداهمات طالت متهمين من محافظات شيعية وسنية على حد سواء، لكن ردود الأفعال "السنية" المتشنجة كشفت عن شعورهم بأنهم مُستهدفون طائفياً، ثم جاء منع صالح المطلك من دخول مجلس الوزراء بسبب نعته المالكي بأنه دكتاتور، ليزيد الطين بلة. فليس الرجل نائبا لرئيس الوزراء فقط بل هو سياسي يمثل شريحة كبيرة من الناخبين، والتعامل معه كموظف، تعامل غير حكيم. بعد ذلك حدثت أزمة مطالبة محافظة صلاح الدين بالفيدرالية، وتعامل الحكومة مع هذا المطلب بشكل غير دستوري. كل هذه الأفعال من السيد رئيس الوزراء تكشف عن أنه لا ينطلق من منطلقات احتوائية، بل إقصائية متشددة. ولو أخذنا بنظر الاعتبار أن الملاحقات القانونية لدواع أمنية ـ والتي يتخذ منها مبرراً لحملات تصفية الخصوم ـ لا تطول جميع أطياف الشعب العراقي على حدٍ سواء، لفهمنا لماذا يشعر المواطن السني بالإقصاء.
على كل حال المعركة الآن ليست بين المتظاهرين وبين المالكي، بل بينهم وبين الدولة والنظام السياسي القائم، فالتظاهرات أخذت تركب مركباً لا يقوده ربابنة حكماء، ولأن السيد رئيس الوزراء لا يحسن التعامل مع مركب بهذا الشكل، يحتم على التحالف الوطني أن يأخذ زمام المبادرة، ويلحق الأزمة قبل تفاقمها. وشخصياً أجد بعملية إبعاد القاضي مدحت المحمود حركة أولى يقوم بها التحالف الوطني لقص أجنحة رئيس الوزراء، فإذا صدق هذا التوقع واستمر التحالف بتحقيق هذا الغرض، ثم عمل على إيجاد خطوط تواصل مع حكماء المناطق الغربية، فيمكن عند ذلك التفاؤل بشأن احتواء الأزمة. أما إذا لم يتحقق ذلك فعلينا أن ننتظر سنيناً كالحة في سوادها.
قصّ أجنحة الرئيس
[post-views]
نشر في: 16 فبراير, 2013: 08:00 م
يحدث الآن
معرض العراق الدولي للكتاب: بوابة نحو التميز الثقافي والتضامن الإنساني
النفط يتصدر المشهد وتبدلات مفاجئة في ترتيب دوري نجوم العراق بعد الجولة الثامنة
العراق يُطلق منصة لتنظيم العمالة الأجنبية وتعزيز الرقابة الإلكترونية
العراق تحت قبضة الكتلة الباردة: أجواء جافة حتى الاثنين المقبل
ضبط طن مخدرات في الرصافة خلال 10 أشهر
الأكثر قراءة
الرأي
الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!
رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...