لم أتوقع يوماً أن أسمع تصريحاً لا لبس فيه، من مسؤول إيراني، يؤكد فيه أن سوريا، بالنسبة لجمهورية ولي الفقيه الفارسية، أكثر أهميةً من إقليم الأحواز، وكلاهما قطر عربي، برغم أن الإقليم المحتل، الذي كان معروفاً بإمارة المحمرة أو عربستان، يحتوي ما يقرب من 90% من مخزون النفط، وذلك من زاوية أنه لو خسرت إيران سوريا، فإنها لن تعود قادرة على الاحتفاظ بطهران، في حين أنها لو خسرت ما بات يعرف بعد احتلاله بإقليم خوزستان، فإنها ستكون قادرة على استعادته، ما دامت تحتفظ بسوريا، التي تمادى الشيخ مهدي طالب مهدي، الذي يترأس مقر "عمّار الستراتيجي" لمكافحة الحرب الناعمة، فعدّها المحافظة رقم 35، مستبعداً حتى أن تكون دولة حليفة، ومؤكداً في الوقت عينه أهمية نظام الحكم في دمشق بالنسبة لطهران، ما يستدعي عنده ضرورة دعمه في إدارة حرب المدن، التي يخوضها الرئيس الأسد ضد معارضيه، منذ ما يقرب من العامين.
الشيخ طالب، المحسوب على الجناح الموالي للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، يعدّ نفسه مطلعاً على أدق تفاصيل الواقع السوري، حين يقول إن النظام هناك يمتلك جيشاً، ولكن يفتقر إلى إمكانية إدارة الحرب في المدن، ويكشف أن الحكومة الإيرانية اقترحت تشكيل قوات تعبئة لحرب المدن، قوامها 60 ألف عنصر من القوات المقاتلة، وهي إيرانية بالطبع، لتتسلم مهمة حرب الشوارع من الجيش النظامي، وهو بذلك يؤكد كل الاتهامات الموجهة لطهران، بالانخراط عملياً فيما يجري في سوريا، ولعله بذلك يكشف أن جمعية أنصار حزب الله التي يرأسها، مسؤول عن تنسيق مشاركة حزب الله اللبناني في الحرب الدائرة في سوريا وعليها.
اعتدنا ان نسمع بين الفينة والأخرى أصواتاً إيرانيةً تدعو لاحتلال مملكة البحرين، باعتبار أنها مقتطعة من الإمبراطورية الفارسية، كما سمعنا مرةً تصريحات رسمية عن وضع العراق بعد رحيل القوات الأميركية، وبأنه سيكون مجالاً حيوياً لإيران ومنطقة نفوذ تابعة لها، وهي أصوات مرفوضة بالطبع ومدانة، وتعبر عن فكر توسعي على أسس طائفية، تتبناها النخبة الحاكمة، أمّا أن يصل الأمر حد عدّ سوريا، وهي التي يصفها حكامها بقلب العروبة النابض، والمحكومة بحزب نشأ تحت شعار أمة عربية واحدة، ولا نسمع صوتاً ولو خافتاً من دمشق، يدين هذا التوجه، أو يرفضه، أو يطلب دبلوماسياً تفسيراً لأبعاده، فذلك ما لم يكن منتظراً، حتى وإن كانت إيران الحليف الأول والداعم القوي للنظام السوري.
نعرف ان إيران منخرطة بالكامل في الحرب السورية، وأن تحركها هناك يستهدف أيضاً حماية ظهر حزب الله الإيراني اللبناني، وليس مقتل أحد قادة فيلق القدس على الأراضي السورية، غير واحد من الأدلة على ذلك، ونقدر أن النظام السوري الذي بات بغير حلفاء، سوى طهران وموسكو، يجب أن يقدّر مواقف طهران الداعمة والمؤيدة، والمشاركة عملياً في معركته المصيرية ، أمّا أن يصمت صمت القبور على الدعوة لاعتبار سوريا واحدةّ من المحافظات الإيرانية، فتلك جريمة توازي في بشاعتها جريمة قتل أكثر من سبعين ألف سوري، وهي تدفعنا لسؤال القومجيين العرب المؤيدين للأسد، عن موقفهم من كل هذا النفس الطائفي، الذي يغزو المنطقة بمسميات مختلفة لكنها صريحة وواضحة.
لسنا منغلقين على مشاعرنا القومية، ولا متعصبين لها بشكل أعمى، وبالتأكيد فنحن لا نقف في خندق معاد للقومية الفارسية أو التركية، ولسنا طائفيين بالتأكيد، لكننا نصر على عروبة سوريا للأبد، بالأسد أو بدونه.
سوريا محافظة إيرانية ؟!
[post-views]
نشر في: 17 فبراير, 2013: 08:00 م