TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اعتقال أحمد القبنجي

اعتقال أحمد القبنجي

نشر في: 18 فبراير, 2013: 08:00 م

اتصالات الصباح دائماً تحمل أخباراً محزنة أو مخيفة، هذا ما فكرت به قبل أن استقبل اتصال الصديق ستار محسن، الذي جاءني اتصاله في الساعة السابعة وخمس دقائق تقريباً. اعتذر الرجل مرتين، مرة عن اتصاله المبكر وأخرى لأنه يحمل خبراً محزناً ومخيفاً في نفس الآن.. قال: لقد اعتقل السيد أحمد القبنجي، يوم أمس في إيران، فقد اتصل بي ابنه قبل قليل وأخبرني بذلك.

إذن فقد حصل هذا الأمر الذي تأخر كثيراً، فمن المتوقع بالنسبة لي أن يحصل مثل هذا الاعتقال لمثل هذا الرجل في مثل ذلك البلد.. سألني ستار، ماذا سنفعل؟ فقلت له، دعني أفكر واستشير الأصدقاء، لكنني وما أن أغلقت الهاتف حتى عرفت أن الخيارات أمامنا قليلة، فنحن لا نستطيع أن نفعل الكثير، فالحكومة التي تعالج هذه الأيام أكثر من أزمة لا يمكن لها أن تهتم باعتقال عراقي ـبالذات القبنجيـ خارج حدود البلد، وتفكر أن تضغط من أجل إطلاق سراحه. إذن ليس أمامنا إلا الاحتجاج من خلال الفيسبوك ومن خلال التظاهر أمام مبنى السفارة الإيرانية في بغداد.. عدت لستار لأخبره بأنني لا املك نت خلال نهار اليوم، وطلبت منه أن ينسق مع الأصدقاء من أجل وقفة الاحتجاج.

يتميز القبنجي بميزات كثيرة تجعله يستحق مثل هذا الاعتقال المشرف، فهو رجل شجاع بشكل لا يوصف، وهو مثقف حر بمعنى الكلمة، وهو فوق هذا وذاك يمتلك قدرة هائلة على تغيير أفكاره ومن ثم متبنياته. وأتذكر مرة كيف أن الزميل رعد كريم عزيز جاءني في صباح أحد الأيام، في الحرة، ليخبرني بأنه سمع البقنجي يقول كذا وكذا في إحدى محاضراته، فقلت له لا اعتقد أن تحرر القبنجي يمكن له أن يصل هذا الحد!! لكن رعد وبدل أن يكلف نفسه عناء مناقشتي، سارع لفتح موقع اليوتيوب وفتح لي المحاضرة. فقلت له: لكنني قبل أشهر قليلة اختلفت معه حول هذا الموضوع، هو ينكره وأنا اتبناه، فكيف استطاع أن يغير متبنياته بهذه السرعة؟!! لكن دهشتي هذه لم تدم طويلاً، فسرعان ما تذكرت مواقف كثيرة تثبت بأن ايمانات السيد القبنجي متحركة بشكل سريع، فهو يؤمن بما يفكر به، ما يجعل الحدود هشة، تفكيره الآني وإيمانه الثابت. وهذه ميزة لا تتوفر للكثير من المثقفين، أقصد أن يتحول وعي المثقف إلى رمال متحركة لا تُمْهِل أي فكرة الزمن الكافي لتثبت وتتحول إلى صنم مقدس..

قد يخرج القبنجي من معتقله هذا، لكنه لن يجد بعد الآن مستقراً له، فقد غادر العراق لأنه لا يشعر بالاطمئنان فيه، أما وقد هددته إيران فلم يعد له من مكان آمن.. وهذا هو شأن الكبار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 9

  1. Asaad Al-Hashimi

    اعتقال السيد احمد القبانجي مرفوض بشدة و يعد خيبة امل كبيرة لا يمكن ان يسكت عنها او تنسى!!! اطلاق سراح السيد احمد القبانجي هو احترام للشعب العراقي كله و لمفكريه و مثقفيه, فعلى الحكومة الايرانية ان تبدي حسن نيتها لشعب العراق و ان لا تغامر بالاسائة لهذه الجي

  2. كاطع جواد

    لم نجد على مر التاريخ بان إنسانا حرا خاصة من يدافع عن حرية الاخرين التي سلبت منهم في معتقل اوفقدوها بسبب التجهيل والتضليل ..السيد القبانجي خاض حربا ضروس ضد الأوهام التي تعشش في رؤوس المسلمين وأعطى تفسيرا حداثيا وقراءة جديدة للإسلام وهذه القراءة لا تروق

  3. وسام الربيعي

    وما اعتقلوه ولكن شبّه لهم.. الفكر حر لا يعتقل، العقل حر لا يعنقل، النور حر لا يعتقل

  4. Mona

    يعجز الكلام عن وصفه وتقديره ، فهو فارس شجاع ورائد عملاق في أفكاره المتجددة. اتمنى أن تبذل الجهود في فك أسره والله ألمعين

  5. عادل

    هذا المنحرف تطاول على رسول الله وعلى القرآن وعلى الثوابت الإسلامية بلباس رجال الدين وما صدر بحقه من اعتقال شء قليل نتمنى أن يأخذ جزائه العاجل

  6. المهندس نورس العبيدي

    كنا نتوقع هذا من رجال الغدر على مر التاريخ شكرا للسيد احمد القبنجي من كل قلوبنا وحان الان موعد التحرك باتجاه السفارة لتثبيت الموقف ومحاولة التغيير

  7. فاضل البهادلي

    للأسف الشديد هذا المجتمع المنغلق يضحي لإعلامه في الفكر بسهوله . القبنجي ظاهره تستحق متل التوقف عندها . نطالب برص الصفوف والتظاهر للإفراج عنه ونرفض تكميم الأفواه ويجن الأفكار. اللهم يفرج عنك أيها السيد الشجاع.

  8. ياسين

    هذا هو مع شديد الاسف مصير اكثر المفكرين والفلاسفة والعظماء لكن الذي اعتقلة مع الايام سوف ينسى ولكن فكر القابنجي سيبقى خالد للابد . اختوا اتمنى ان يفعل كل شخص منا كل مافي قدرتةلمساعدة هذا المفكر الحر

  9. سلام حبيب

    هذه الافعال وغيرها تدلل على هشاشة الدين الذي نخرت به رؤسنا فلو كان ذا معنى وامكانية لما خافوا علية من نسمات الريح الخفيفة فاي دينا هذا الذي ينتهك حرمة الراي والتعبير لانهم لم يستطيعوا ان يفعلوا معه كما فعلو مع المؤلفة قلوبهم

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram