عباس الغالبيأثارت طاولة المدى الاقتصادية التي عقدت الاسبوع الماضي حول موضوعة السياحة تساؤلات عدة ركزت في جلها على سوء عملية التخطيط وضعف الامكانات المادية التي ترفد عملية النهوض بالقطاع السياحي وتفجير امكاناته الكامنة على مستوى العرض السياحي من جهة وعلى مسار الاستثمار السياحي الذي يعاني سباتا حقيقياً من جهة أخرى.
والذي نريد أن نشير اليه ان العراق يزخر بأمكانات قطاع سياحي سيكون له شأن كبير في رفد الاقتصاد الوطني بمصادر تمويل هائلة أذا ماتم الشروع باستثمارات بضوء حيثيات العرض السياحي المتوافرة لدى هيئة السياحة والتي عرضت في الطاولة المستديرة، ولن تكون هنالك سياحة في العراق أذا لم تضع خطط ستراتيجية يجري اعدادها على وفق الامكانات التي يمتلكها العراق على مستوى السياحة الدينية والآثارية والترفيهية، وهي دعوة للقائمين على القرار الاقتصادي ان يلتفتوا جيدا الى قطاع السياحة المهمل الذي يعد واحدا من اهم مصادر دخل الاقتصاد الوطني سعيا لتخليصه من اعتماديته المفرطة على النفط كمصدر تمويل وحيد . ولم يقف الامر عند هذا الحد، بل ان الطاولة عرضت لاشكاليات التخطيط والدعم وهما ركيزتان اساسيتان للنهوض بقطاع السياحة،حيث ان المؤسسة الاكاديمية العراقية تمتلك من الامكانات والطاقات العلمية في قطاع السياحة مايغني المخططين عن البحث عن كفاءات من خارج البلد ولاسيما الاساتذة الجامعيين الذين حضروا الطاولة، وآثروا محاورها بالاراء والمقترحات والالتفاتات العلمية التي لم تكن بعيدة عن الواقع، بل أمتزج فيها التنظير بالممارسة العملية، ولذا فأن الضرورة تستدعي الان للاستفادة من هذه الطاقات العلمية واشراك المؤسسة الاكاديمية في عملية التخطيط وحتى صياغة القرارات الاقتصادية المتعلقة بقطاع السياحة، وذلك عن طريق مؤتمر علمي موسع يناقش واقع السياحة في العراق وسبل النهوض به، أو ان يصار الى اشراك الاكاديميين في اللجان العليا في اللجنة الاقتصادية او في وزارة السياحة او في هيئة السياحة سعيا لخلق عملية تلاقح وتواشج الافكار وصولا الى خطط منهجية وعملية قادرة على تأسيس قطاع سياحة يتلاءم والامكانات المتوفرة في العراق وعلى جميع مستويات ومحاور السياحة. وأن كانت هذه الطاولة الاقتصادية بمثابة مهماز من شأنه تحفيز اصحاب القرار لاعادة النظر في طبيعة التعامل مع هذا القطاع الذي يدرك اهميته وجدواه الجميع من سياسيين واقتصاديين، فان الامر يتطلب ان تأخذ هذه الجهات الحكومية بنظر الحسبان تبني ستراتيجية جديدة تشارك فيها مثلما اشرنا جميع النخب والجهات الاقتصادية سعيا لرسمها على الشكل الذي يخلق سياحة متطورة قادرة على استيعاب الحاجة الملحة للسياح والقاصدين الى العراق وفتح باب الاستثمار ولاسيما للقطاع الخاص مع الاخذ بنظر الحسبان اهمية الارتقاء بأداء قطاعات اخرى رديفة ومساندة للقطاع السياحي كقطاعات النقل والاتصالات فضلا عن اهمية وجود منظومة مصرفية متطورة قادرة على أستيعاب حركة السياح داخل العراق .
اقتصاديات: السياحة واشكالات التخطيط
نشر في: 26 أكتوبر, 2009: 05:43 م