أثار مقتل ثلاثة من أعضاء حزب الله اللبناني في معارك دارت في المناطق السورية الحدودية مع لبنان، واعتبار الحزب أنهم كانوا في مهمة جهادية، مخاوف من انخراط الحزب الأصولي رسمياً وعلناً في الحرب السورية، والأهم المخاوف من وصول الإصبع الإيراني إلى زناد البنادق في سوريا، باعتبار أن حزب الله لا يتحرك حركة خطرة كهذه، دون توجيهات من الولي الفقيه، أو خارج إرادته، وإذا كان البعض يرى في هذه المشاركة، دفاعاً عن العمق الستراتيجي للنظام السوري، والشريان الحيوي الذي يصله بحزب الله، فان المؤكد أن خوض الحرب في المناطق السورية، القريبة من البقاع اللبناني، يأتي في سياق الدعم الإيراني المباشر لنظام الرئيس الأسد، بوصف الحزب جزءاً أصيلاً في المنظومة الإيرانية المتكاملة.
دور حزب الله في سوريا، هو الترجمة المباشرة للدور الإيراني، وهو يستهدف الاحتفاظ بالتواجد الإيراني في المنطقة، لأن خسارة هذا الحليف، والذي استثمرت فيه طهران الكثير، ستنعكس على واقعها الداخلي لاحقاً، وفي تلميح مباشر حول مستقبل الدولة السورية، وما إن كان ممكناً قيام دويلة علوية في شمال البلاد، فإن منطقة حمص تكتسب أهميتها من كونها ستكون امتدادها الستراتيجي مع حزب الله، والواضح اليوم أنه حتى وإن توصل السوريون نظاماً ومعارضة، إلى تسوية تحد من سلطات الرئيس، أو تأتي برئيس آخر، فإن ذلك لن يكون مرضياً لإيران، بعد حساباتها التي كانت تضع سوريا في خانة التابع أو الحليف.
تنبع الأهمية المضاعفة للنظام السوري عند طهران، من الفتوى التي أطلقها الإمام موسى الصدر، في سبعينات القرن الماضي، واعتبر فيها العلويين من شيعة آل البيت، ولسنا هنا بصدد الدخول في التفسيرات المتباينة لذلك، بقدر ما نجد مناسباً التأكيد أن هذه الخطوة كانت بترتيب من طهران، ترافق مع وصول الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى سدة الرئاسة، ما يعني أن الطوق الشيعي بمعناه الطائفي السياسي سيمتد من طهران إلى لبنان عبر سوريا، وهنا يمكن فهم موقف الأسد الأب الموالي لإيران، رغم قيادته حزباً عربياً قومي التوجه، ومن هنا أيضاً يمكن استنتاج الأسباب، التي تدعو إيران للاستماتة في الدفاع عن نظام الأسد الابن، ليس باعتباره ممانعاً أو علمانياً، وإنما لاعتبارات طائفية.
يرى مؤيدون لبنانيون لحزب الله على أسس طائفية، أن مشاركته في الحرب الدائرة في سوريا، توازي انخراط مقاتلين أصوليين من الطائفة السنية في تلك الحرب، وهم من غير السوريين، لكنهم يحاربون هناك بنفس طائفي ضد العلويين، ذلك يعني أن الثورة السورية تحولت إلى شرارة حرب طائفية قد تعم المنطقة، وليس فيها رابح واحد، والكل فيها خاسرون، مع ضرورة التنويه أنه ليس كل علوي في سوريا مؤيد للأسد، لكنهم جميعاً سيكونون هدفاً، لمجرد انتمائهم لتلك الطائفة، علماً بأن المؤكد أن الكثيرين منهم لا يتعاملون مع وطنهم بأي حس طائفي، وإنما بمشاعر وانتماء وطني قد يفوق ما لدى الكثير من الآخرين، وليس غريباً انشقاق ثمانية من الضباط العلويين ولجوئهم إلى الأردن، أسوة بغيرهم من الضباط الوطنيين الرافضين لتوجيه بنادقهم لصدور أبناء شعبهم.
هل نحتاج للتذكير بأن ما يجري في بلاد الشام من فرز طائفي، يمتد إلى حدود بلاد فارس، يجد صداه في بلاد الرافدين، حيث يتبارى الجميع في تحويل احتجاجات مطلبية لدى بعض المواطنين، إلى اصطفاف طائفي قابل للتفجر عنفاً أعمى، عاناه العراقيون كثيراً، دون أن يتعلم سياسيوهم الدرس، الذي سالت فيه دماء ألوف الأبرياء.
حرب سوريا الطائفية.. ماذا عن العراق؟
[post-views]
نشر في: 20 فبراير, 2013: 08:00 م