ليست في صلب الموضوع تماماً، لكنها خطوة مرحبٌ بها للغاية، منتظرة على مدى عشر سنوات كاملات. فما أحلى أن تعود بغداد مدينة نظيفة بعدما تركها صدام مزبلة هي الأكبر في العالم، وأبقاها خلفاؤه على هذي الحال وأسوأ.
أمانة بغداد أعلنت أمس أنها قررت غسل شوارع العاصمة وزراعة 50 ألف شتلة فيها استعداداً لإقامة فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية.
لن نقول لمسؤولي الأمانة : صح النوم، فنحن ندرك أن "الحال من بعضه" كما يقال، ولم نكن نفترض أن تكون حال شوارع بغداد ودرابينها وساحاتها زاهية الألوان بينما البلاد كلها في حال بائسة من الاحتقان القومي والديني والطائفي والانسداد السياسي والتخلف الاجتماعي والركود الاقتصادي.
وكيل الأمانة للشؤون البلدية نعيم الكعبي بشّرنا في بيان بأن "الأمانة وجهت جميع دوائرها البلدية غسل وتنظيف الشوارع وتخطيطها وتهيئة الساحات العامة وتجهيزها بمصاطب جلوس مع إعداد خطة متكاملة للحفاظ على الشوارع"، وكذلك "زراعة 50 ألف شتلة" عشية الحدث الثقافي الكبير. بل إن الأمر سيتعدى ذلك إلى ما يبدو نوعاً من الترف لم تألفه بغداد منذ زمن، فالسيد الكعبي أفاد في بيانه بأن "التوجيه شمل أيضاً تحديد وتهيئة أماكن محددة لرمي النفايات وتوزيع الحاويات البلاستيكية وأكياس النفايات" و"إدامة الجزرات الوسطية والاهتمام بالمزروعات، إضافة إلى الاهتمام بساريات الأعلام والنصب والتماثيل وغسلها باستمرار وصيانة الطرق وطلاء الأرصفة".
لكن ما هو في صلب الموضوع تماماً ومنتظر بفارغ الصبر أن نسمع من وزارة الثقافة أخباراً سارّة تبشّر بإعادة افتتاح دور المسرح والسينما والمراكز الفنية التي تحولت إلى مخازن تحيط بها مكبّات النفايات وبرك الماء الآسن، وبناء منشآت ثقافية تمسّ الحاجة إليها.
أصغر عاصمة في المنطقة تبزّ بغداد كثيراً في عدد صروحها الثقافية وفي وفرة الأنشطة الثقافية. ومنظمة اليونسكو كرّست بغداد عاصمة للثقافة هذا العام، والثقافة هي المسرح ودار العرض السينمائي والمعرض التشكيلي والقاعة الموسيقية ودار الأدب والمكتبة العامة وسواها.
لم نزل نتطلع إلى أن تقام خلال هذا العام مجمعات ثقافية كبيرة تتناسب في عددها وحجومها مع الحجم الفلكي لموازنة الدولة السنوية التي تتجاوز المئة مليار دولار. ولو تخصص الحكومة ملياراً واحداً فقط من هذه المليارات لهذه المجمعات وتحصنّه من آفة الفساد لأضافت عجيبة جديدة إلى عجائب الدنيا تستحقها بغداد عن جدارة .. مرة أخرى بشرط ألا تمتد إلى هذا المليار يد الفساد الطويلة.
جميع التعليقات 1
ضياء الجصاني
سيدي الفاضل :الشرط الذي وضعتموه في السطر الاخير لعمودكم هو من رابع المستحيلات فيدالفساد امتدت حتى لقد طالت جيوبناالتي افرغها الفاسدون حتى من بطانتها.تحياتي...............