كشفت الاتفاقات المعلنة بين القيادات الحزبية الإسرائيلية، حجم التناقضات التي تتحكم فيها، وخصوصاً مواقفها خلال الحملات الانتخابية، وفي مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، برئاسة نتنياهو، الذي وصفه معارضوه سابقاً بأنه مصيبة لإسرائيل، متعهدين بعدم المشاركة في حكومة يرأسها، في حين تعهد مع مناصريه بمنع تسيبي ليفني من لمس ملف المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين، لكن التفاوض المصلحي، أسفر عن توقيع اتفاق ائتلافي بينهما هو الأول للحكومة القادمة، ولم يكن ذلك بالطبع بعيداً عن رغبة وتدخل أفيغدور ليبرمان الأكثر تطرفاً وعدوانيةً، رغم أن الاتفاق سحب من بين "الخارجية وهي وزارته الموعودة"، ملف إدارة المفاوضات مع الفلسطينيين، لصالح ليفني.
نتنياهو وهو يزف بشرى أن ليفني ستكون وزيرة العدل، والشريكة الكبيرة في المساعي لإنهاض المسيرة السياسية، أعلن التزامه بتوحيد القوى، والبحث عن القاسم المشترك والموحد، وليس المقسم والمفكك، وهي من جانبها كشفت أنه منذ الانتخابات، تم التوصل إلى تفاهم بضرورة وضع الخلافات جانباً، والالتزام بالثقة التي مُنحت لحزبها، كي يكافح في سبيلها، ما أدى إلى هذه الشراكة، التي تعني عندها، أنها ستكون مسؤولة عن إدارة المفاوضات مع الفلسطينيين، بهدف التوصل إلى تسوية سياسية تنهي النزاع، على أن لا تجري مفاوضات موازية، بمعنى أن لا تتدخل أصابع نتنياهو وليبرمان، لتعطيل وعرقلة عملية التفاوض.
انكشف الطابق، وظهرت ليفني على حقيقتها، مجرد سياسية كالآخرين، تعنيها مصلحتها الشخصية قبل كل شيء، وهي كما وصفتها الصحافة الإسرائيلية باعت مبادئها ووعودها وبرنامج عملها، مقابل وعدٍ مشكوك فيه، وهي متجهة إلى أن تصبح بالضبط ما أعلنت أنها لن تصبح عليه، وهو أن تكون ورقة تين في حكومة نتنياهو، وأنه لا يُعقل أن تكون من رفضت قبل أربع سنين، مع حزب فيه 28 نائباً، أن تدخل الحكومة بزعم أنها لن تستطيع التأثير، هاهي اليوم مع ستة نواب، ومن غير أن تعلم من سيكون شركاؤها، تحاول الظهور بمظهر الواثقة بأنها تستطيع أن تدفع باتفاق السلام إلى الأمام.
الفلسطينيون رحبوا بتكليف ليفني ملف المفاوضات، ويعتقدون أنه ربما يكون تعيينها مؤشراً إيجابياً، إذا أعطيت تفويضاً كاملاً لإدارة الملف، وصلاحيات واسعة للتقدم به، غير أن حزب الليكود لم يترك لهذا الأمل فرصة ليرى النور، كما لم يترك لليفني فرصة مواصلة ادعاء امتلاك الملف بالكامل، حين أعلن أن نتنياهو هو الذي سيقوم بصياغة ملامح السياسة التي تتبعها الحكومة بشان المفاوضات السياسية مع الجانب الفلسطيني، وبديهي لو كان نتنياهو جاداً، أن يعمل بما طالبه به الصحفي الاسرائيلي جدعون ليفي، بإبداء نية طيبة نحو الفلسطينيين، الذين أوفوا بجميع التزاماتهم، وأن الخطوة الأولى نحو سلام حقيقي هي تجميد بناء المستوطنات، فالذي ينوي إعادة المناطق لا يبني فيها، والذي يعيد سجن من أُفرج عنهم بصفقة دون ذنب اقترفوه، يكشف مسبقاً باستثناء نيته في السلام.
لجأ نيتانياهو إلى ليفني لفشله فى الاتفاق مع يائير لابيد زعيم هناك مستقبل العلمانى، وإخفاقه فى فك التحالف بين لابيد ونفتالى بينيت زعيم البيت اليهودي اليمنى، ما يعني صعوبة انضمام الأحزاب الدينية المتشددة إلى حكومتة، حيث يصر لابيد وبينيت على عدم الانضمام بشكل منفرد للائتلاف الحاكم، ما يعيق مفاوضات نيتانياهو مع الأحزاب الأخرى، حيث لا يمكنه تشكيل الحكومة الجديدة دون الحزبين اللذين يضما معا 31 نائباً فى الكنيست، وإذا كانت ليفني أول من التحق بنتنياهو، فإن الثاني سيكون على الأرجح شاؤول موفاز، ما يؤكد أن الساسة الإسرائيليين على استعداد للتخلي عن وعودهم الإنتخابية بمجرد التلويح لهم ببعض فتات مائدة السلطة، والمهم أن سياساتهم تجاه الفلسطينيين واحدة، وإن تباينت الأساليب.
ليفني في عربة نتنياهو!
[post-views]
نشر في: 22 فبراير, 2013: 08:00 م