جاء في الأنباء منذ يومين أن شاباً بريطانياً قد فشل للمرة السابعة بعد المئة في اختبار قيادة السيارة. هل في الأمر مبالغة؟ الذين عاشوا في بريطانيا يعرفون أن اختبار قيادة السيارة واحد من أشق التجارب في حياة الناس هناك.
لم أسمع من قبل أن هذه التجربة قد بلغت هذا المبلغ (107 مرات)، لكنني أعرف أشخاصاً كان عليهم أن يعيدوا الاختبار عشر مرات. واختبار القيادة هناك نظري وعملي (شخصيا اجتزت الاختبار من أول مرة، وفي وقتي لم يكن الاختبار النظري موجوداً بعد. ونجاحي في أول اختبار لم يكن لقدرات خارقة أمتلكها وإنما لأنني كنت قد تدربت من قبل في قبرص التي تتبع النظام البريطاني في المرور، بما فيه الاختبار العملي على القيادة).
البريطانيون أشداء للغاية في اختبار القيادة.. لا يمكن أن يمنحوا إجازة السوق لمن لا يعرف تماما كيف يسوق وكيف يتصرف في الطريق وكيف يواجه المواقف المفاجئة والحالات الطارئة. ولهم في هذا نظرية سليمة، فأنت في الطريق لست مسؤولاً عن أمنك الشخصي فحسب وإنما أيضا عن أمن مستعملي الطريق جميعاً، راكبين ومشاة، وعن أمن الممتلكات الخاصة والعامة الواقعة على الطريق.
الشخص المكلف باختبار السائقين الجدد، رجلاً كان أم امرأة، مشبع بادراك انه مسؤول عمن يمنحهم الإجازة وعن أمن الطريق. ولهذا فانه لا يتسامح مثلاً مع عدم تضبيط وضع المرايا الداخلية والخارجية قبل تشغيل السيارة، ومع عدم إعطاء إشارة ضوئية قبل التحرك بالسيارة أو عند الانعطاف يميناً أو يساراً. بل لا يتسامح حتى مع الطريقة التي يُمسك بها الخاضع للاختبار مقود السيارة.
على الطريق هنا في بغداد وسائر المدن والمحافظات أرى سائقين، بينهم رجال متقدمون في العمر، يتصرفون على نحو خطير يهدد حياتهم وحياة الآخرين وممتلكاتهم. لا أتحدث هنا عن سائقي سيارات المسؤولين المدنيين والعسكريين الذين لا أتردد في وصف سلوكهم في الطريق بالمستهتر، وإنما أتحدث عن السائقين العاديين، بمن فيهم سائقو سيارات تاكسي.
اسأل عن تفسير لهذه الظاهرة العامة الشاملة فيأتيني الجواب: ما عنده (السائق) إجازة. أندهش واسأل: كيف؟ فأعرف أن الإجازة يمكن الحصول عليها بسهولة من دون اختبار عملي أو نظري... "بكم ورقة"!
من غير المعقول السماح لمن لا يعرف قيادة السيارة بالعبث بحياة الناس ومصائرهم كما لو كانوا نملاً.
الحكومة تلاحق الإرهابيين والمجرمين لأنهم يهددون أمن المجتمع والدولة. واستناداً الى القاعدة نفسها يتعين على الحكومة وضع حد للسياقة غير الشرعية في طرقنا لأنها تهدد أمن المجتمع والدولة. وهذا يتطلب في المقام الأول مكافحة الفساد في جهاز المرور.
جميع التعليقات 1
ضياء الجصاني
لك الشكر كله استاذ عدنان فقد أطلت شناشيلك اليوم على واحدة من المثالب المخجلة لواحد من اجهزة السلطة الغارقة بالفساد ووساخة الذممم...تحياتي