اتفق سياسيون وخبراء اقتصاد على أن عملية حذف ثلاثة أصفار من العملة الحالية ينطوي على مخاطر بسبب أوضاع البلاد وعدم الاستقرار الأمني وانتشار الفساد، حيث يسعى العراق لإصلاح نظام إدارة العملة وتسهيل استخدامها وتقليص عدد الأوراق النقدية من أربعة مليارات إل
اتفق سياسيون وخبراء اقتصاد على أن عملية حذف ثلاثة أصفار من العملة الحالية ينطوي على مخاطر بسبب أوضاع البلاد وعدم الاستقرار الأمني وانتشار الفساد، حيث يسعى العراق لإصلاح نظام إدارة العملة وتسهيل استخدامها وتقليص عدد الأوراق النقدية من أربعة مليارات إلى مليار و800 مليون ورقة، من خلال حذف ثلاثة أصفار وإصدار عملة معدنية.
وقال مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب النائب أحمد المساري للجزيرة نت إن "موضوع حذف الأصفار من العملة المحلية ما زال قيد الدراسة ضمن المواضيع الاقتصادية، ولم يبت فيه حتى الآن بسبب الأزمات الكثيرة التي يعيشها البلد، إضافة إلى المشاكل التي ترافق إقرار الموازنة المالية للعام الحالي.
وأشار إلى أن هذه العملية غير ممكنة في الوقت الحاضر لأنها ستؤدي إلى مشكلة في الاقتصاد العراقي.
وأضاف المساري أن "اللجنة المالية استفسرت من البنك المركزي العراقي حول استعداداته لتغيير العملة دون حصول عملية تزوير فيها، وأبدى استعداده لهذه العملية، إلا أن المشاكل التي حدثت في البلاد إضافة إلى أزمة البنك المركزي التي أدت إلى تغييرات في قيادته، أوقفت هذه العملية.
وأشار إلى أن العراق لا يمكن أن يقوم بهذه العملية الآن، وأضاف "نحتاج إلى استقرار في الأوضاع العامة للبلاد، لكي نمنع أي محاولة لاستغلال هذا الإجراء من قبل الفاسدين".
دعم السياسة النقدية
من جانبها، قالت عضو الجنة المالية في مجلس النواب نجيبة نجيب إن "هذا المشروع كان في زمن محافظ البنك المركزي السابق سنان الشبيبي، وقد تمت دراسته من قبل البرلمان بشكل جيد، مما أدى بالأخير إلى مخاطبة مجلس الوزراء لدعم هذا المشروع، وأصبح هناك تفاوض وحوار مع عدد من الشركات العالمية بشأن حذف الأصفار، مبينة أن هذه العملية خطوة جيدة وتساعد على دعم السياسة النقدية في البلاد".
وأضافت أن "هذا الموضوع ليس له أصداء حاليا في الأوساط البرلمانية والعليا في العراق بسبب إقالة محافظ البنك المركزي السابق وإحالة الموضوع إلى هيئة النزاهة، موضحة أن المشروع سينجح في حال قدمت الحكومة ومجلس النواب وجميع المؤسسات دعمها لأن ذلك سيمنع التزوير ويزيل التخوف إذا كانت الإجراءات سليمة.
وأوضحت أن البلاد بحاجة إلى إعادة هيكلة عملته، إذ لا توجد فيها فئة أكثر من 25 ألف دينار فضلا عن نقود معدنية، مما يؤكد أن العملة الحالية لا تنسجم مع إيرادات الدولة التي لها موازنات مالية كبيرة.
وأكدت نجيبة أن هناك قصورا بالنسبة للنقود الموجودة في الأسواق، وأن تغيير العملة سيكون له جدوى اقتصادية مع اتخاذ كافة الاحتياطات القانونية والتشريعية والحكومية اللازمة، مع جعل سقف زمني يصل لمدة سنة لتغيير المواطنين نقودهم، إضافة إلى زيادة فروع المصارف.
وقال الخبير الاقتصادي رائد الهاشمي إن "عملية حذف الأصفار هي خطوة ضرورية ومهمة تأتي ضمن حاجة البلاد إلى عملية إصلاح إداري للعملة تساهم في تقليل تكاليف المعاملات والتداولات النقدية في العملية الاقتصادية، وتقلل من حجم الكتلة النقدية في البلاد وتساعد على تسهيل العمليات الحسابية وتقلل من تضخيم الأرقام، لو طبقت بشكل صحيح وبالتوقيتات المناسبة.
السياسة السعرية
وأضاف الهاشمي أن "إصدار الفئات الصغيرة سيعمل على تسهيل حسابات السياسة السعرية، إلا أن استبدال العملة لن يؤثر في معالجة التضخم بشكل ملموس. واستشهد بالبلدان التي طبقت هذه العملية مثل السودان الذي حذف صفرين من عملته عام 2007، وتركيا التي حذفت ستة أصفار من عملتها عام 2005، وحذفت زمبابوي في أفريقيا عشرة أصفار من عملتها عام 2008، وبوليفيا حذفت ثلاثة أصفار من عملتها عام 2008، وحذفت كل من رومانيا وإيران ثلاثة أصفار من عملتها عام 2005 و2011، لكن لم تتحسن قيمة العملة في هذه الدول بشكل ملموس وبقي مؤشر التضخم المالي فيها محافظاً على الارتفاع.
وأشار إلى أمرين مهمين في تطبيق عملية حذف الأصفار هما: الأول اختيار التوقيت المناسب الذي يكون فيه الاقتصاد العراقي في حالة من الاستقرار، والثاني هو تهيئة البيئة الاقتصادية بشكل مدروس لتطبيق عملية الحذف، وهذا يحتاج إلى إجراءات وقرارات مالية ومصرفية تتخذها السلطة المالية في البلاد.
وختم الهاشمي حديثه بالقول إن تطبيق القرار في الوقت الحالي غير مناسب ويعتبر مخاطرة كبيرة لعدم استقرار الوضع الأمني والاقتصادي في البلاد.