المشكلة التي واجهت حزب الدعوة، من أول أيام فوزه بسحبة يانصيب رئاسة الوزراء انه، كأي حزب إسلاموي، لا يمتلك رؤية نظرية أو تجربة عملية تعينه على فهم معنى الدولة العصرية وكيفية بنائها. وحينما وجد أعضاء الحزب أنفسهم في المنطقة الخضراء كان لا بد لهم من طريقة لتعويض ذلك النقص. تحولوا، بقدرة قادر، من دعاة لنشر الإسلام بين المسلمين، ويا للعجب!، إلى دعاة لحماية الشيعة من أعدائهم. لكن من هو هذا العدو؟ وكيف يحمونهم منه؟ لا احد يعلم. تارة يقولون انه القاعدة، رغم أن القاعدة عدوة للجميع لا تفرق بين سني وشيعي وأمريكي واسباني ولا يهمها ان يكون هدفها مسلما او غير مسلم. وتارة أخرى يقولون انهم البعثيون. آمنّا. لكن كثيرا من البعثيين "الحقيقيين" يعيش اليوم بنعيم ويدير مناصب حساسة بينها عسكرية وامنية ودبلوماسية. لا بل ان فيهم من كرسيه بالقرب من كرسي رئيس الوزراء يسرح ويمرح على هواه. وبعضهم صار مقربا منه او مستشارا له.
ثم ان هناك عدوا آخر يخيفون به الشيعة كل صباح ومساء اسمه "الآخرون". ومن هم؟ جواب "المقربين" إنهم الذين لا يدعون المالكي يعمل! هؤلاء "الآخرون" شبح، مثل "الطنطل"، يخيفون به الناس وأنفسهم. ومن ذا الذي يستطيع ان ينفي وجود "الطنطل" عند عقول أجاد الحاكم غسلها؟
حجتهم ان المالكي مقيد بهذا "الطنطل" العتيد. وعندما نقول لهم نحن، أو غيرنا، بأننا نعرف انه يستطيع حل الكثير من العقد والمصائب التي تحيط بالعراق يجيبوننا بأنه ليس صدام حسين! يابا مو قبل أسابيع ألغى بجرة قلم اجتثاث مدحت المحمود؟ وبالقلم ذاته فصل رئيس هيئة المساءلة والعدالة. وقبلها طرد وزير دولة "الناطقية" من منصبه من دون أن يقول له احد على عينك حاجب. وقبل ثلاثة أعوام، ومن أجل بقائه في ولاية ثانية، رفع الاجتثاث عن ثلاثة احدهم صار نائبه. والبارحة تدخل في شؤون الطلبة وأمر، من البصرة، بمنع تأسيس الاتحادات الطلابية التي لا يخلوا منها اي بلد ديمقراطي. كل ذلك ولم يقف بوجه احد من "الآخرين"، فشلون مو مثل صدام؟ ولأننا نسأل صرنا نحن أيضا من "الآخرين". دليلهم اننا لو لم نكن كذلك لما سألنا ولا انتقدنا المالكي على أفعاله الاستبدادية، بحسب مدرسة حزب الدعوة الابتدائية. أما أن نسكت عنه أو نصفق له وإلا فنحن "منهم".
ولأنهم مصرّون أن لا يأتوا معنا، فسنأتي معهم، على قاعدة "الما يجي وياك يا صاحب تعال وياه" ونسألهم: أن كنتم "حماة" للشيعة، كما تزعمون، فلم لم تحمونهم ممن يفجر بيوتهم ودكاكينهم ويزهق أرواحهم كل يوم، ومن الفقر الذي يلفهم من كل جانب، ومنكم القائد العام للقوات المسلحة والأمنية والمخابراتية وبيده المال والبنون؟ وما الذي ينقصكم ايها الدعاة الحماة؟ الم تجيدوا حماية المفسدين والشواهد كثيرة؟
نسألهم ونعلم ان الجواب مرٌّ في أفواههم. فمن لا يعرف كيف يبني دولة ويدير مؤسساتها وفقا لمبدأ الكفاءة، وليس الولاء، لا يمكن ان يحمي مواطنا واحدا. ومن يتحجج كذبا "بالآخرين"، سيظل احديدة عن "الطنطل" الى ابد الآبدين.
احديدة عن الطنطـل
[post-views]
نشر في: 24 فبراير, 2013: 08:00 م