اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مسرح > الممثل ومعايير القراءة

الممثل ومعايير القراءة

نشر في: 25 فبراير, 2013: 08:00 م

  قديماً قالت العرب حسن الإدراك الإحاطة بالشيء بعد استقباله وفك رموزه وتحويلها إلى معانٍ جديدة. وبحسب المنظورالعلمي الذي يصف الاتصال بالمنطقة المتحركة الذي يتخذ شكلا من التخطيط المنظم لعمليات الاتصال مع النص للحصول على القيمة الشاملة أو الخطاب

 

قديماً قالت العرب حسن الإدراك الإحاطة بالشيء بعد استقباله وفك رموزه وتحويلها إلى معانٍ جديدة. وبحسب المنظورالعلمي الذي يصف الاتصال بالمنطقة المتحركة الذي يتخذ شكلا من التخطيط المنظم لعمليات الاتصال مع النص للحصول على القيمة الشاملة أو الخطاب الذي هو مقصد القراءة بشكل عام. والقراءة لدى الممثل تميل إلى إحساس تلقائي مباشر بالنص لاكتشاف الأداء التمثيلي المناسب الذي هو تحويل أو انتقال الدراما من وضعها الكتابي المجرد إلى صيغة أداء مسرحي على خشبة المسرح. ولما كان النص الدرامي خطاباً لغوياً نوعياً، ونسيجاً من الكلمات المحمّلة بالدلالات، وآلية من آليات التواصل الجمالي، فإن القراءة نشاط إنساني نفسي واجتماعي وجمالي على درجة عالية من التداخل والتعقيد يقوم بها الممثل لاكتشاف المقاربات النوعية ما بين الموجود في النص والمقترح المطلوب تقديمه على خشبة المسرح. وإذا كانت الغاية المتوخاة من ممارسة فعل القراءة هي الوقوف على طرق تشكل النص الدرامي وسر تفرده والاهتمام به على امتداد الزمن.. فإن هذه الغاية ليست بالأمر الميسور والمتاح للجميع من الممثلين فهي تتطلب قارئاً خبيراً مزوداً بالمعارف والمؤهلات الفكرية التي تمكنه من الوقوف على الأفكار المتحكمة بالنص، ولذلك لا نعجب إذا ما ألفينا الناقد الإيطالي" أمبيرتو إيكو" يحلم بقارئ أنموذجي، قارئ مر بنفس المراحل التي مر بها الكاتب في تجاربه القرائية. والقراءة المسرحية ما هي إلا عملية معقدة ومركبة تساعد على استمرارها وجود عناصر من داخل النص مثل الأسلوب والأفكار ومظاهر الفعل الاجتماعي بين الشخصيات ، كلها تساعد على وجود فعل درامي متداخل ما بين الممثل والنص، يساعد الممثل على اكتشاف الأداء المسرحي المناسب للشخصية الموجودة في النص ، والدراما الجيدة حالما تتم كتابتها فان قيمتها الفعلية تكمن في مقدار خلق المجابهة المسرحية ما بين الممثل والشخصية المسرحية، لأن النص بذاته لا يكون أدباً غايته التذوق فقط بل في قدرته على خلق الاستجابة المسرحية لدى الممثل، وهذا يعني وجود نص درامي يحتوي على لغة ذات تنظيم معين تمثل وحدات الفعل الدرامي ما بين الشخصيات تساعد الممثل على تجسيد الشخصية من خلال استعمال فعّال للانفعال التمثيلي والأداء الصوتي المنسجم مع نوعية انفعال الشخصية الدرامية. ولكون القراءة فعلاً مركزياً بين الممثل النص فأنه لا يتم إلا بوجود معيار يتحكم بتلك القراءة من حيث العملية والأهداف، والمعايير تتوزع على ثلاثة: معيار ذاتي للممثل وينطلق من رغبة ذاتية لدى الممثل بوجود شخصية مسرحية تتناسب مع نمط من الشخصيات التي يرغب بتقديمها بغض النظر عن طبيعة النظام المسرحي أو المعالجة للعرض المسرحي. وثمة معيار موضوعي لا يهتم كثيراً بمقدار المشابهة ما بين الممثل والشخصية بل يؤكد على الأثر الاجتماعي من خلال خلق مسافة من التشابه أو الاختلاف مع الواقع الاجتماعي الذي تعيشه الشخصية في النص. أما المعيار الثالث فهو ما يمكن تسميته بالإنتاجي كونه يؤكد على علاقة الممثل بالنص ويوضح طبيعة الاتصال بينهما في ألهنا وألآن ، وبحسب هذا المعيار توجد في القراءة مادتان داخليتان أحداهما للممثل والأخرى للنص، فأما مادة الفعل الاجتماعي للنص فهي ما يقصده الكاتب من نصه مع القارئ، أما المادة الأخرى فتلك التي يقصدها المجتمع من النص بوساطة الممثل. فالقراءة بينهما فعل لا يتأخر ولا يتقدم بل تكون عملية تبادلية راهنة تعتمد على التغذية المرتدة للمعلومات بين النص والممثل، فالنص لا يكون مرسلاً على الدوام بل هو مستقبل في ذات الوقت لأنه يتأثر بعمليات التفسير المستمرة من المستقبل – الممثل – الذي يقوم بدوره على تحويل الألفاظ الدرامية من حالتها اللغوية المجردة إلى شكلها الكلامي الجديد الذي يعمل في علاقات منسجمة مع الشخصيات الأخرى على خشبة المسرح. لذلك تكون القراءة - عملياً - هي الإحاطة بمفاصل الشيء ومكوناته واستيعابها من خلال الإدراك والوعي الذي يقصد ذلك الشيء ، بما يضمن الفهم والتأثير والإقناع وهذا معناه مسرحيا ، انجذاب الممثل للنص، أي قابلية النص على الاستقطاب واتخاذه إشكالا متعددة من التفسيرات التي تتناسب ورؤية القائمين على العملية المسرحية من مخرج وممثلين ومصممين على حد سواء. وإذ تكون القراءة علمية ومنظمة ما بين الممثل والنص، ماذا يكون من علاقة الممثل العراقي مع النص؟ وكيف تكون عملية القراء لديه ؟ هل تنطلق من أسئلة إبداعية تأخذ بالاعتبار ما يكون من النص وما ينبغي أن يعطيه من امتياز لدى الممثل وهو يؤدي الشخصية؟ أم تراه فعلاً مزاجياً تقريرياً لا يعيد ترتيب الأداء التمثيلي الذي يتناسب مع طبيعة الشخصية التي يريد تمثيلها، ما يؤدي بالممثل إلى نسخ أدائه للشخصيات وإن اختلفت أبعادها! بمعنى أننا نرى الممثل على نفس الطريقة والأداء- مع اختلاف الشخصيات - من عرض لآخر، وهذا ما ينتج لدى ممثلينا نوعاً من الترهل الأدائي الجامد لا نريده في مسرحنا العراقي.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram