أيوب العراقي للإشاعة قدرة على التضخم مثل كرة الثلج، هذه العبارة باتت تتناقلها الألسن ، وقد خصصت لها، كما يعرف الجميع، الأجهزة الاستخبارية للأنظمة الديكتاتورية والحكومات العسكرية، عبر التاريخ القديم والمعاصر، مبالغ طائلة وعقولاً كبيرة،
لتحقيق النصر على العدو، في حرب نفسية توازي في أهميتها أوجه الحرب الأخرى من حروب عسكرية واقتصادية وغيرها... وقد شهدنا كعراقيين الكثير من النتائج المدمرة لنار الإشاعة الحارقة، لعل أكثرها شخوصا في الذاكرة العراقية كارثة جسر الأئمة، حيث ما ان صاح احدهم ان حيوانا ناسفا موجوداً بين الزوار، حتى قامت قيامة الكارثة.. وراح ضحيتها ما يزيد على الألف ومائتي روح بريئة، وهنا تجسدت العبارة السالفة الذكر، واقعا مأساويا مؤلما، أشد الإيلام.. ولا يعفي العراقيين، بديهة ان الإنسان ميال بطبعه الى تهويل الأمور وتضخيم الحوادث، وان كانت صغيرة وغير ذات ضرر بليغ،أن يصدقوا الإشاعة والانخراط في عملية شيوعها وتضخيمها، وعليهم أيضاً أن يوقنوا بأن أعداء التجربة العراقية الجديدة، يبقون يتناسلون طالما ان هناك حكاما متسمرين على العروش، يستقتلون من اجل السلطة حتى باتوا يورثونها أبناءهم وأحفادهم.. اننا اليوم مشتبكون بحرب يصح ان نطلق عليها حقا تسمية (حرب مصيرية)، على رغم إرادتنا، ولذا سيجهد اعداؤنا في خرقنا ومن ثم تدميرنا، سيما المناطق الرخوة عند البعض ممن يصدق ويهول كل ما من شأنه تخريب التجربة الوليدة، والقضاء عليها قضاء مبرما،سواء من كان يحسن النية او يبيتها.. وتنتشر هذه الأيام بوادر خوف في طريقها لأن تمسي هلعا عاما يمكنه ان يلعب دوراً تدميرياً، ربما كان اشد ضررا من فعل الإرهاب، وسبب هذا الخوف انتشار التضخيم الحاصل بحجم وباء أنفلونزا الخنازير، حيث راح المغرضون ينشرون ارقاما فلكية في عدد الإصابات، بل وعدد الوفيات، ما جعل البعض من بسطاء العراقيين يصدقون ومن ثم يصابون بالخوف وربما الهلع، الامر الذي جعل البعض منهم يحرمون أولادهم فرص التعلم، على الرغم من الذين أخلوا مناطقهم ومدارس أولادهم من أي اثر لهذا الوباء، فضلاً عن فقدان الثقة المتوارث بتصريحات الحكومة، مع ان الوضع اليوم غيره بالأمس الى حد كبير.
مسمار:وباء الإشاعة
نشر في: 26 أكتوبر, 2009: 06:18 م