بعد معاناة مريرة تعرض لها (عبود سلمان مويشل) نفذ وصية أبيه بأداء زيارة مرقد الإمام الرضا عليه السلام الكائن في مدينة مشهد الإيرانية ، وتتلخص مشكلة الرجل أنه تعرض للمساءلة من قبل رجال الأمن الإيرانيين في المنفذ الحدودي، لأن اسم جده (مويشل ) أثار تساؤلاتهم واستفساراتهم ، فراجعوا بياناتهم ومعلوماتهم للتوصل إلى علاقة جد سلمان بمؤسس حزب محظور حاليا طبقا للدستور العراقي لوجود تقارب بين الاسمين ، واستغرقت العملية يومين والرجل أبدى استعداده للعودة إلى العراق ويتخلى عن تنفيذ وصية أبيه .
أثناء التحقيق أكد الرجل للمسؤولين أن جده غادر الحياة مطلع القرن الماضي ، قبل أن يعرف العراقيون( القائد المؤسس) ، وكان يعمل فلاحا في قرية تقع في لواء الكوت قبل أن يصبح محافظة ، ولم يرد اسمه في هيئة المساءلة والعدالة ، ولم يشارك في حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران ، وسجله خال من ارتكاب أية مخالفة ، ولم يكن منتميا إلى أي حزب سياسي ، لأنه لم يزر مركز اللواء إلا مرتين، الأولى عندما راجع للحصول على الجنسية العراقية ، والثانية لمراجعة مركز طبي نتيجة إصابته بمرض كان سببا في وفاته .
حفيد مويشل عندما ذكر حرب الثماني سنوات أمام المسؤولين في المنفذ الحدودي تعرض إلى سيل جارف من الأسئلة ، تتعلق بخدمته الإلزامية ورتبته ووحدته العسكرية في الجيش السابق ، وأمام حمم الأسئلة ، ذكر الرجل بأنه كان عريف إعاشة بوحدة عسكرية غير قتالية تابعة للفرقة العاشرة ، كان مقرها في الميمونة بمحافظة ميسان ، وأنه لم يشارك بأي عمل قتالي ضد جيش الجمهورية الإسلامية ، ومهمته محددة بتوفير المواد الغذائية والقضايا الأخرى التي تقع ضمن احتياجات وحدات الجيش ، وانه كان من أشد المعارضين للحرب ، و لم يهرب من الخدمة خشية تعرضه للملاحقة من رجال الأمن وعناصر الاستخبارات والمخابرات ، وبتهمة تهديد الأمن القومي يتعرض لعقوبة الإعدام ، ويكتب على تابوته "خائن " فتخسر أسرته حتى حقوق الحصول على راتب تقاعدي .
بعد تحقيق طويل ومتشعب ، تخلله التلويح باعتقال عبود لأنه وفر الدعم اللوجستي للجيش العراقي السابق ، أعلن براءته من التهمة الموجهة إليه وأقسم بأنه كان في الخلفيات طيلة سنوات الحرب وكلف مرة واحدة بالوصول إلى الخطوط الأمامية لإخلاء الشهداء والجرحى العراقيين ، بعد معركة الشوش الشهيرة في العام 1982 ، وقبل أن ينهي عبارته ، تلقى صفعة من مسؤول ، مع تحذير من وصف القتلى العراقيين بالشهداء ، فأذعن لطلب المسؤول، وبعد ساعة من هذه المواجهة ، قدمت له مجموعة أوراق وطلب منه التوقيع عليها ، وهي تتضمن أمرا يقضي بأن يراجع اقرب مركز للشرطة في أية مدينة إيرانية يقيم فيها خلال مدة أداء الزيارة ليثبت للأجهزة الأمنية بأنه لم يخالف أو يخترق القانون ولم يبدر منه أي تصرف يهدد أمن البلد الجار .
قصة حفيد مويشل أو " عبود عالحدود" أصبحت هذه الأيام " سالوفة "يرددها أهالي قريته، لأنها وبحسب تصورهم تعكس مظهرا آخر للعلاقات التاريخية المشتركة بين الشعبين العراقي والإيراني .