يولد كل طفل أردني، ذكراً كان أم أنثى، وهو يحمل في ذمته ديناً يبلغ أربعة آلاف دولار، مرشحة للزيادة وليس هناك أمل منظور في نقصانها، ولايتفوق عليه في ذلك غير المولود اللبناني، ويرجع ذلك إلى الارتفاع المتواصل في الدين العام، وعجز الموازنة، ما يعني بلغة الاقتصاد الباردة ارتفاع معدلات التضخم وزيادة أسعار السلع، ويزيد سوء هذه الحالة، أنماط من الفساد تورط فيها مسؤولون كبار، إضافة للأعباء المترتبة جرّاء ازدياد وتيرة لجوء السوريين إلى الأراضي الأردنية، وتتوقع بعض المصادر ارتفاع عددهم إلى المليون لاجئ، بحلول الصيف المقبل.
المثير للكثير من علامات الاستفهام تضاعف حصة الفرد من الدين خلال سبع سنوات، إذ كانت عام 2006 بحدود ألفي دولار، ارتفعت إلى أربعة آلاف مع بداية هذا العام، الذي لا يبشِّر بالخير، حيث بلغ مجموع الدين العام في أول شهرين منه ما يوازي 71% من الناتج المحلي الإجمالي، مع تقديرات لصندوق النقد الدولي أن يصل إجمالي الدين العام الأردني إلى 83% من الناتج المحلي الإجمالي خلال هذا العام، ويرجع ذلك بحسب الصندوق، إلى عدة عوامل أبرزها ارتفاع اسعار النفط العالمية، والانقطاع المتكرر في توريد الغاز المصري، ما أدّى إلى ارتفاع خسائر شركة الكهرباء الوطنية، وعجز الميزان التجاري، إضافة إلى ما ذكرناه من فساد استشرى في صفوف بعض السياسيين النافذين.
تستسهل الحكومات الأردنية المتعاقبة الاقتراض الذي تجاوز حاجز 25 مليار دولار، مرشحة للارتفاع إلى 28 ملياراً، وهي تقوم بذلك سعياً لإنفاق غير ضروري ولا مبرر، وللتصرف كما لو كان الأردن دولة باذخة الثراء، ما يعني في واقع الأمر ضرورة وقف ذلك، والبدء فوراً بالبحث عن أسواق بديلة للطاقة، التي تشكل التحدي الأكبر، ويعني أيضاً التحرير الكامل لهذا القطاع، مع ما يرتبه ذلك على المستهلك من أعباء كانت الدولة تتحملها نيابة عنه، وهي تزيد حجم الديون الواجب عليه سدادها، فيما هو يتعامل مع الأمر وكأن ينابيع النفط والغاز تتفجر تحت أقدامه، وإذا كانت بعض الحكومات تخشى رد الفعل الشعبي على أي انسحاب لها من دعم بعض السلع ، فلتكن على ثقة أن المواطن سيقف معها ويساندها فيما لو قدمت حيتان الفساد إلى القضاء لتسترجع منهم ما نهبوه من الثروة الوطنية.
الطاقة البديلة متوفرة في الصخر الزيتي، القادر على تلبية احتياجات كل الأردنيين لو توفرت الإرادة، وتم التعامل معه بجدية، والثروات المعدنية كالفوسفات والبوتاس قادرة على تغطية عجز الميزانية، لو لم ينهبها مدراؤها، أو تباع بأثمان بخسة لمستثمرين يجنون منها المليارات، في صفقات لايمكن إلاّ أن نشتم منها روائح الفساد، والمؤكد أن اعتماد الأردن على المساعدات ليس في صالح مستقبل أجياله القادمة، حتى وإن كان الاقتراض بهدف تحسين البنية التحتية، وهو للأسف غير ذلك، ولانظن أن المواطن الأردني يشعر بالحقد أو الضغينة وهو يعرف أن المواليد في بعض الدول العربية يولدون ولديهم أرصدة تتجاوز آلاف الدولارات، لكن المؤكد شعوره بالحقد ضد السياسيين والمخططين الاقتصاديين من أبنائه الذين أوصلوه بسياساتهم إلى هذا الدرك.
لماذا يولد الأردنيون مدينين؟
[post-views]
نشر في: 27 فبراير, 2013: 08:00 م