TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مذاق العسل، حنظل

مذاق العسل، حنظل

نشر في: 27 فبراير, 2013: 08:00 م

ما الذي يغري السياسي – في دول العالم قاطبة – بالتشبث بقوائم ومساند كرسي السلطة، حتى الرمق الأخير، برغم المتاعب والمصاعب وليالي الأرق، وسورات القلق، وتيارات الفزع من الآتي،  المبهم والمجهول، باغتيال، أو بعزل، أو إقالة مهينة؟  
هل هي الرغبة في ثروة على عجالة، أم مكاسب قد لا توفرها أية تجارة رابحة أو صفقة مضمونة الأرباح؟
هل هو الجاه! أن ينحني لك ذوو الهامات العاليات ويحسب حسابك الأكابر؟ هل هو الطمع بمراسيم الطاعة والاحترام  من الحاشية والمتلطعين؟ هل هي الرغبة في الإستحواذ والملك والتحكم بالمقادير، أم هي الرغبة الطاغية في إعلاء شأن البلاد والعباد،، التي تغدو ـ استقراء ـ في آخر سلم اهتمامات السياسي ريثما يستقر به المقام ويستتب بيده صولجان الحكم؟ ويأنس لمغريات السلطة وسحر التسلط؟
يروى عن الخليفة هرون الرشيد الذي سأله أحد ندمائه: ما هي السلطة، وإجابته:  أن تأمر فينفذ أمرك في الحال! لا شك إنه جواب متسرع مثلوم، لا يحيط بجوانب السؤال الفلسفي العويص.
ويروى  أن الطاغية نيرون روما،، كان قبل تسلمه العرش، وديعاً، رقيق القلب، أنيس المعشر، يعزف الموسيقى، ويقرأ كتب الفلسفة، لكنه تنمّر واستأسد، ساعة تسلمه مقاليد الحكم (وحكايات نيرون معروفة)
ما أن يعتلي المرء – رجلاً أو امرأة –المنبر حتى تستحوذ على لبّه أفانين اللعبة السحرية.. لا تعود تشبعه موائد الطيبات، بالمعسل والمتبل، وهو الذي كان يتخمه رغيف خبز ورأس بصل، ولا يعود يحتويه ويعصمه قصر  محصن منيف، وكانت دارته المتصدعة السقف والجدران ملاذه الآمن من الزوابع وعصف الريح..........معظم من حكم وثمل من خمر السلطة، وعب من مغانمها، غص بها فيما بعد، وهو يتجرع مرارتها حسوة حسوة عند بوابة المغادرة ـ والشواهد أكثر من أن تعد ـ ماركوس، شاشيسكو، السادات، مبارك، القذافي، صدام حسين، أنديرا غاندي وإبنها راجيف، رفيق الحريري، رياض الصلح، بنازير بوتو، ماركريت تاتشر، وليس بعيدا ما جرى لأهل الحكم في العراق.
بهرج السلطة ومفاتنها ومغانيها، وإغواءاتها ومغانمها، يزغلل النظر، ويرمد العين، ويضبب ـ وقد يغيب ـ الذاكرة، ويسحر الجالس على الكرسي، فلا يعود يرى إلا ما يرغب، ولا يصغي ـ أو يستمع إلا لما يريد،، ولا يقتنع إلا بما يفعل أو يشاء.
ألا ليت المتشبثين بمساند الكراسي، بأيديهم وأسنانهم، يدركون ـ قبل فوات الأوان ـ أن لطعة الحنظل التي يتذوقونها ساعة الهزيمة،  إقالة، أو نبذاً، أو طرداً، أو ملاحقة، أو.. أو... تعادل ألف ليلة من التمرغ في حرير السلطة او الغرف والعب ـ بتشديد الباء ـ  من خوابي عسل الحكم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram