أن يحتفل الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بذكرى خلعه من الحكم، مسمياً ذلك بتسليم السلطة لنائبه عبد ربه منصور هادي، متجاهلاً أن ذلك جاء بعد ثورة شعبية انطلقت ضده، وأجبرته على توقيع مبادرة خليجية، كانت بمثابة تسوية سياسية، جنّبته مصير من سبقه من الرؤساء المخلوعين، القذافي ومبارك وبن علي، وأن يكون الاحتفال في ميدان السبعين، تحت أسوار دار الرئاسة التي كانت المقر الحصين لحكمه، ولم تتمكن من حمايته، فأصيب فيها إثر تفجير كاد يودي بحياته ، فإن لذلك معنىً واحداً، هو أن الرجل لا يزال طامحاً لدور في الحياة السياسية في اليمن، ويبدو غير مدرك استحالة عودة التاريخ إلى الوراء.
تبجّح صالح وسط أعضاء حزبه، الذين حشدهم من عدة محافظات، متحدثاً عن تسليمه السلطة سلمياً للرئيس هادي، وأن ذكرى ذلك اليوم تستحق الاحتفال بها، باعتبارها تداولاً سلمياً للسلطة، لكنه بالمقابل اعتبر أن الثورة الشعبية التي أطاحته رغم أنفه، لم تكن سوى تقليد للخارج، حيث يتم الحكم بأنظمة غير ديمقراطية، وليس مفهوماً من يحاول أن يخدع، غير نفسه، حين يؤكد أن اليمن الذي حكمه 33 عاما بالنار والحديد والمناورات السياسية الرخيصة، كان بلداً ديمقراطياً، لكن المؤكد أن الرجل يعمل على مقاومة التغيير، ويسعى للبقاء في خارطة الحياة السياسية، عبر محاولته العودة إلى السلطة من النافذة، بعد طرده من الباب.
جدير بالذكر أن احتفالية صالح أتت بعد تحذيره من قبل مجلس الأمن الدولي، من محاولة عرقلة الانتقال السلمي للسلطة، خصوصاً بعدما تكشف إنفاقه المال على أنصاره، وحشدهم من جديد، لوضع العراقيل والعقبات أمام انتقال السلطة، محاولاً إفشال مؤتمر الحوار الوطني، المقرر انعقاده في الثامن عشر من هذا الشهر، ما يعني وجوب اتخاذ موقف حازم ضده، يتمثل بإجباره على ترك رئاسة حزب المؤتمر الشعبي، ومغادرة الحياة السياسية، حتى لو تطلب ذلك إخراجه من اليمن، أو نزع الحصانة التي منحته إياها المبادرة الخليجية، واعتقاله وتقديمه للمحاكمة، خصوصاً وأن هناك تهمة بالقتل ضده، يتبناها أهالي شهداء "مجزرة جمعة الكرامة" التي قتل بها 57 متظاهراً سلمياً، بساحة التغيير في صنعاء.
الرئيس المخلوع جماهيرياً، ولو برعاية خليجية توخت حقن الدماء، أراد من خلال احتفاليته إرسال رسالة إلى الخارج، مفادها أنه ليس ضعيفاً، وأنه ما زال حاضرا في الحياة السياسية اليمنية، ومحتفظا بشعبيته، مما يعني أنه يستحق التكريم، وليس التهديد بفرض عقوبات، وأخرى داخليةً للرئيس هادي، بأنه ما زال قادرا على الحشد، وليس من السهولة إقصاؤه من رئاسة حزب المؤتمر، ورسالة خاصة لواشنطن والرياض، بإدانته للتدخل الإيراني، وهجومه على انفصاليي الجنوب عبر تخليه عن مشروع نائبه السابق علي سالم البيض، وإدانته له واتهامه بشكل غير مباشر بالوقوف وراء أحداث العنف، واتهامه بتلقي أموال من إيران.
صالح وإن فقد السلطة، فإنها ما تزال هاجسه، وهو يحلم بالعودة إليها، عبر المناورة على الداخل والخارج في آن معاً، ويبدو منفصلاً عن واقع أن الجماهير التي أطاحته لن تقبل بأي دور له في سياسات اليمن، وأن المجتمع الدولي استوعب ألاعيبه، التي مارسها طيلة فترة حكمه، ولم يعد يحظى عنده بأي مقدار من الثقة، وأن اليمن اليوم يتجه إلى المستقبل، ولن يقبل العودة إلى الوراء.
صالح يحتفل بذكرى خلعه
[post-views]
نشر في: 1 مارس, 2013: 08:00 م