يتخذ التيار الصدري، منذ أشهر، الكثير من الخطوات المهمة، يأتي بعضها في سياق تفعيل اللحمة الوطنية، كدعمه لتظاهرات المناطق الغربية، ويأتي بعضها الآخر في سياق مواجهة تمددات دولة القانون ومحاولاتها الاستيلاء على مزيد من مؤسسات الدولة. ومن هنا كان وقوف السيد مقتدى الصدر مع القوى التي حاولت سحب الثقة من الحكومة موقفاً شجاعاً وجريئاً، على الأقل لأن فيه خروجا واضحا عن الاصطفافات الطائفية.. لكن ما يؤخذ على التيار الصدري انتقاداته اللاذعة لأداء الحكومة على الصعيد التنفيذي، مع أن أهم الوزارة التنفيذية تقع ضمن مسؤولياته، فلدى التيار وزارات (العمل والشؤون الاجتماعية، الإسكان والتعمير، الأشغال والبلديات، التخطيط، الموارد المائية)، فضلاً عن وزارة السياحة والآثار وفضلاً عن ترؤسه لجنة النزاهة في مجلس النواب.
شخصياً لا أعرف لماذا يؤكد التيار الصدري أن الحكومة مقصرة في أدائها الخدمي، وبنفس الوقت يؤكد بأن وزراءه هم الأحسن أداءً من بين الوزراء. وإذا كان أداء الوزارات التنفيذية، كما يقول التيار، هو الأعلى أداء في الحكومة، فهذا يعني أن الحكومة ناجحة خدمياً، أما إذا كان العكس هو الصحيح؛ فهذا يعني أن وزراء التيار الصدري يتحملون المسؤولية بالدرجة الأساس ثم يتحملها معهم رئيس الوزراء. أما أن يتنصل التيار، أو أي جهة سياسية أخرى، من مسؤولياته ويعلقها على غيره، فهذه ممارسة لا تليق بتيار جماهيري يحاول أن يكون ممثلاً للفقراء والمساكين.
هذا فضلاً عن انتقادات التيار لتفشي الفساد في مرافق الدولة، مع أن لجنة النزاهة من ضمن مسؤولياته، وكنّا ننتظر من رئيس لجنة النزاهة "الصدري" أن ينفذ وعده الذي قطعه أيام تسنمه مسؤولية اللجنة حيث وعد المواطنين بحملة يشنها على الفساد والفاسدين، لكن تغييراً مهماً لم يحصل في هذا الإطار، إذا لم نقل أن الفساد زاد، أضعافاً وحماية المتورطين به أصبحت أكثر قوة!!.
أريد أن أقول أن نقد الأداء الحكومي من قبل التيارات السياسية المشاركة في الحكومة فعالية ديمقراطية مهمة. لكن يجب أن تكون واردة في سياق نقد الذات، كأن يخرج علينا التيار الصدري ليعبر عن أسفه لأنه لم يحقق كامل طموحاته في هذه الدورة الانتخابية، وأن ظروفاً قاهرة منعت وزراءه من تنفيذ البرامج التي وعد ناخبيه بها. لا أن يخرج علينا ليكرر ذات الاسطوانة المشروخة التي تكررها قوى القائمة العراقية، خاصَّة وهي تنتقد أداء الحكومة من على منابر التظاهرات وعلى لسان بعض قادتها، وتتنصل عن مسؤولية وزرائها في الأخطاء التي تقع موضوعاً لانتقاداتها.